Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 207-210)
Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وأيضاً من جملة الآداب الموضوعة فيكم بل من أجلها : الرضا والتسليم بما جاء من قضاء الله ومقتضياته ، لذلك قال : { وَمِنَ ٱلنَّاسِ } المتشمرين إلى الله بالرضاء والتسليم { مَن يَشْرِي نَفْسَهُ } ويوقعها في المهلكة لا لداعية تنبعث من نفسها ، بل { ٱبْتِغَآءَ مَرْضَاتِ ٱللَّهِ } طالباً لرضائه ، راضياً بما قضاه { وَٱللَّهُ } المحيط بجميع الحالات { رَؤُوفٌ } عطوف مشفق { بِٱلْعِبَادِ } [ البقرة : 207 ] الصابرين في البلوى الطائعين إلى المولى ، الراضين بما يحب ويرضى . ثم لما كان الرضاء والتسليم من أحسن أحوال السالكين المتوجهين إلى الله العزيز العليم ، وأرفعها مقداراً ومنزلةً عنده ، أمرهم بها امتناناً عليهم وإصلاحاً لحالهم ، فقال منادياً : { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } مقتضى إيمانكم الرضا والتسليم { ٱدْخُلُواْ } أيها المستكشفون عن سرائر التوحيد { فِي ٱلسِّلْمِ } أي : الانقياد والإطاعة المتفرعين على الرضا والإخلاص المنبئين عن التحقق بمقام العبودية { كَآفَّةً } أي : ادخلوا في السلم حالة كونكم مجتمعين كافين نفوسكم عما يضر إخلاصكم وتسليمكم { وَلاَ تَتَّبِعُواْ } أيها المتوجهون إلى مقام العبودية والرضا إثر { خُطُوَاتِ ٱلشَّيْطَانِ } أي : الأهواء والآراء المضلة عن طريق الحق ، المعبرة عنها في الشرع بالشيطان { إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ } [ البقرة : 208 ] ظاهر العداوة والإضلال يضلكم عما يهديكم الحق إليه . { فَإِن زَلَلْتُمْ } وانصرفتم عن طريق الحق { مِّن بَعْدِ مَا جَآءَتْكُمُ ٱلْبَيِّنَاتُ } المبينة الموضحة لكم طريقه { فَٱعْلَمُوۤاْ أَنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ } غالب قادر على الانتقام { حَكِيمٌ } [ البقرة : 209 ] لا ينتقم إلا بالحق . { هَلْ يَنظُرُونَ } أي : ما ينتظرون المزلون عن طريق الحق بعد الوضوح والتبيين { إِلاَّ أَن يَأْتِيَهُمُ ٱللَّهُ } بعذابه المدرج المكنون { فِي ظُلَلٍ مِّنَ ٱلْغَمَامِ } السحاب الأبيض المظل لهم ، يتوقعون منه الراحة والرحمة { وَٱلْمَلاۤئِكَةُ } الموكلون بجر سحب العذاب إليهم ، فأنزل عليهم واستأصلهم بالمرة { وَقُضِيَ ٱلأَمْرُ } المبرم المقضي عليه من عنده لانتقامهم كالأمم الماضية { وَإِلَى ٱللَّهِ } لا إلى غيره من الوسائل والأسباب { تُرْجَعُ ٱلأُمُورُ } [ البقرة : 210 ] أولاً وبالذات ، وإن تشكك أحد في الانتقام ونزول العذاب على المزلين المنصرفين عن طريق الحق بعد الوضوح والتبيين .