Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 20-22)

Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ يَكَادُ ٱلْبَرْقُ } أي : برق التجلي اللطفي { يَخْطَفُ } يعمي { أَبْصَٰرَهُمْ } التي يرون بها أنفسهم ذوات موجودات فاضلات به { كُلَّمَا أَضَآءَ } وأشرق { لَهُمْ } التجلي اللطفي { مَّشَوْاْ } ساروا { فِيهِ } باقين ببقائه { وَإِذَآ أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ } بالتجلي القهري { قَامُواْ } سكنوا على ما هم عليه من عدم الصرف { وَلَوْ شَآءَ ٱللَّهُ } التجلي عليهم بالقهر دائماً { لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَٰرِهِمْ } أي : بتعيناتهم التي ظنوا أنهم موجودات حقيقية بسببها ، وصيرهم فانين معدومين لا وجود لهم أصلاً ، كما هم عليه دائماً ، قل لهم يا أكمل الرسل بلسان الجمع : { إِنَّ ٱللَّهَ } المتجلي بالتجلي اللطفي { عَلَىٰ } إبقاء { كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } [ البقرة : 20 ] على إفنائه بالتجلي القهري ؛ إذ لا يجري في ملكه إلا ما يشاء ، ثم نبه تعالى على كيفية رجوعهم إليه وتنبههم على تجلياته ، فناداهم إشفاقاً لهم وامتناناً عليهم ليقبلوا إليه فقال : { يَٰـأَيُّهَا ٱلنَّاسُ } الذين نسوا حقوق الله بمتابعة آبائكم { ٱعْبُدُواْ } تذللوا وتفزعوا وانقادوا { رَبَّكُمُ ٱلَّذِي خَلَقَكُمْ } أخرجكم وأظهركم من كتم العدم بإشراق تجلياته اللطيفة إلى فضاء الوجود { وَ } أيضاً أخرج آباءكم { ٱلَّذِينَ } مضوا { مِن قَبْلِكُمْ } إن عبدتم كما ذكر { لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } [ البقرة : 21 ] تحذرون من تجلياته القهرية ، فهو في بدء الوجود في المعاني اعبدوا ربكم : { ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱلأَرْضَ فِرَٰشاً } مبسوطاً ؛ لتستقروا عليها وتسترزقوا منها { وَٱلسَّمَاءَ بِنَآءً } مرفوعاً ؛ لترتقي الأبخرة والأدخنة والمتصاعدة إليهم وتتراكم السحب فيها { وَ } بعد وجود هذه الأسباب { أَنزَلَ } بمحض فضله وفيضه { مِنَ } جانب { ٱلسَّمَآءِ مَآءً } منبتاً لكم الزروع والأثمار المقومة لمزاجكم وإذا أنزل { فَأَخْرَجَ بِهِ } سبحانه ؛ أي : بسبب الماء { مِنَ ٱلثَّمَرَٰتِ رِزْقاً لَّكُمْ } أي : أخرج رزقاً لكم من الثمرات والطعوم ؛ لتعيشوا بها وتقدروا إلى التوجه إلى توحيده وتفريده الذي هو غاية إيجادكم وخلقكم وما يترتب على وجودكم ، وإذا كان كذلك { فَلاَ تَجْعَلُواْ } أيها المنعمون بانتزاع النعم { للَّهِ } الواحد القهار لجميع الأغيار { أَندَاداً } أمثالاً في استحقاق العبادة والإيجاد والتكوين والترزيق والإنبات والإضاء وغير ذلك مما يتعلق بالألوهية { وَأَنْتُمْ } إن وصلتم إلى مرتبة التوحيد الذي { تَعْلَمُونَ } [ البقرة : 22 ] أن سلسلة الأسباب منتهية إليه سبحانه ، ولا موجود إلا هو ، بل لا موجود إلا هو { وَعِندَهُ مَفَاتِحُ ٱلْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَآ إِلاَّ هُوَ } [ الأنعام : 59 ] والتحقيق بهذا المقام والوصول إلى هذا المرام لا يحصل إلا بعد التخلق بأخلاق الله ، والتخلق بأخلاقه لا يتيسر إلا بمتابعة المتخلق الكامل ، وأكمل المتخلفين نبينا صلى الله عليه وسلم ، والمتخلق بخلقه صلى الله عليه وسلم إنما يكون بالكتاب الجامع لجميع أخلاق الله ، المنزل على مرتبته ، الجامع جميع مراتب المظان ، وفي نسخة أخرى : المظاهر .