Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 17-19)
Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
بل { مَثَلُهُمْ } أي : شأنهم وحالهم بهذا الاستبدال ، والاختيار في يوم الجزاء { كَمَثَلِ } كحال الشخص { ٱلَّذِي } طلب شيئاً في الظلمة وترقبه ، ولم يهتد إليه و { ٱسْتَوْقَدَ نَاراً } ليستضيء بها ، وفاز بمبتغاه { فَلَمَّآ } استوقده { أَضَآءَتْ } النار { مَا حَوْلَهُ } أي : حول المستوقد ، وترقب وجدان مطلوبه { ذَهَبَ } ضوؤها ، وسكن لهبها فضلَّ عن مطلوبه ، وخسر خسراناً عظيماً ، كما ذهب { ٱللَّهُ بِنُورِهِمْ } أطفأ الله نيران المنافقين وسرجهم التي هي كفرهم ونفاقهم على زعمهم ، وأفسد إظاءتهم في يوم الجزاء حين ترقبهم بوجدان مطالبهم ولم يهتدوا بها ، بل عذبهم الله بسببها { وَتَرَكَهُمْ } لأجلها { فِي ظُلُمَٰتٍ } ظلمة الضلالة المتقررة الراسخة في نفوسهم بتقليد آبائهم ، المنتجة للكفر والنفاق ، وظلمة فقدان المطلوب المترتب عليها في زعهمم مع ترقبهم ، والظلمة العارضة لهم بعد استضاءتهم ، وبسبب هذه الظلمات { لاَّ يُبْصِرُونَ } [ البقرة : 17 ] ولا يرجى نجاتهم عن عذاب الله بل يبقون فيه أبداً وهم : { صُمٌّ } لعدم إصغائهم لقول الحق عن ألسنة الرسل صلوات الله عليهم { بُكْمٌ } لعدم قولهم بالإيمان المقارن بالتصديق { عُمْيٌ } لعدم التفاتهم إلى الدلائل الظاهرة والمعجزات الباهرة ، وبالجملة : { فَهُمْ } في هذه الحالة { لاَ يَرْجِعُونَ } [ البقرة : 18 ] ولا يطمعون الرجوع إلى الهداية لتذكيرهم الإفراط والتفريط الذي صدر عنهم في النشأة الأولى المستتبع لهذا العذاب . { أَوْ } مثلهم في هذا الاستبدال والاتجار { كَصَيِّبٍ } نازل { مِّنَ ٱلسَّمَآءِ فِيهِ ظُلُمَٰتٌ } متوالية متتالية ، بعضها فوق بعض شدة وضعفاً بحسب تخلخل السحب وتكاثفها { وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ } بسبب الأدخنة والأبخرة المحتسبة فيه ، متى أبصرها الناس وسمعوا أصوات بروقه ورعوده { يَجْعَلُونَ أَصَٰبِعَهُمْ } أنامل أصابعهم { فِيۤ آذَانِهِم } خوفاً { مِّنَ ٱلصَّوَٰعِقِ } النازلة منها ، المهلكة غالباً لمن أُصيب بها ، وإنما يفعلون ذلك { حَذَرَ ٱلْمَوْتِ } أي : حذر أن يموتوا في إصابتها ؛ يعني : إنهم لما شبهوا في نفوسهم دين الإسلام بالصيب المذكور في ظهوره من غير ترقب ، واشتمال في زعمهم على ظلمات التكاليف المتفاوتة المتنوعة ، ورعود الوعيدات الهائلة وبروق الأحكام الخاطفة ، وجب عليهم الاحتراز عن غوائله فمالوا عنه وأعرضوا ، وجعلوا أصابع عقولهم في آذان قبولهم ؛ خوفاً من الصواعق النازلة المصفية المفنية ذواتهم في ذات الله حذر الموت الإداري ، وهم بسبب هذا الميل والإعراض يعتقدون أنهم خلصوا عن الفناء في ذاته { وَ } لم يعلموا أنهم مستهلكون فيها إذ { ٱللَّهُ } المتجلي في ذاته لذاته { مُحِيطٌ بِٱلْكَٰفِرِينَ } [ البقرة : 19 ] الساترين بذواتهم في زعمهم الفاسد ذات الله ، غافلين عن تجلياته ، وكيف يغفلون عنها ؟ .