Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 217-218)

Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ يَسْأَلُونَكَ } أيها الداعي للخلق إلى الحق { عَنِ ٱلشَّهْرِ ٱلْحَرَامِ } هو من المحرمات الإلهية أم لا ؟ وعن { قِتَالٍ } واقع { فِيهِ } أهو أيضاً من المحرمات أم لا ؟ { قُلْ } يا أكمل الرسل للسائلين نيابة عنا : هما من محرماته سبحانه ، بل { قِتَالٌ فِيهِ } ذنب { كَبِيرٌ } إذ هو خروج عن مقتضى حد الله الموضوع في هذا الشهر { وَ } مع كونه ذنباً { وَصَدٌّ } منع وصرف للتجار { عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ } المبيح لهم لكسب معاشهم { وَ } مع ذلك ، العياذ بالله { وَكُفْرٌ بِهِ } أي : بالله بعدم إطاعة أمر الله . روي أنه صلى الله عليه وسلم بعث عبد الله بن جحش ابن عمته على سرية في جمادى الآخرة قبل بدر بشهرين ليترصد القفل الذي كان لقريش في جانب الشام ، وفيهم عمرو بن عبد الله الحضرمي وثلاثة معه ، فلما ظفروا عليهم قتلوا الحضرمي وأسروا اثنين واستاقوا العير نحو المدينة ، وفيها تجارة للطائف أيضاً ، وكان ذلك غرة رجب وهم يظنونه من الجمادى . فقالت قريش : استحل محمد الشهر الحرام شهراً يأمن فيه الخائف ويتردد فيه الناس إلى معاشهم ، ثم لما سمع صلى الله عليه وسلم بعير قريش قال لعبد الله : " ما أمرت لك القتال في الشهر الحارم وسوق العير فيه ، وشق على أصحاب السرية ، وقالوا : ما نبرح حتى تنزل توبتنا فنزلت . وردَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم العير والأسارى ، فلاموه وعيروه على ما صدر عنه { وَ } قالوا : أنتوجه إلى { ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ } ونمنع الزوةار منه ؟ ردَّ الله عليهم فقال : { وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ } أي : أهل المسجد الحرام عدواناً وعمداً { مِنْهُ أَكْبَرُ } ذنباً { عِندَ ٱللَّهِ } من منع الزوار ، والقتل سهواً أو خطأ ناشئاً من عدم التدبر في تعين الوقت ؛ إذ الإخراج : افتنان بني المسلمين المستأهلين ببيت الله { وَٱلْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ ٱلْقَتْلِ } إذ شرها عام ممد بخلاف القتل . { وَ } الحاصل أن الكفار المصرين على الكفر والعناد { لاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ } أيها المؤمنون { حَتَّىٰ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ } المنزل عليكم من ركبم هداية لكم { إِن اسْتَطَاعُواْ } والحال إنه { وَمَن يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَن دِينِهِ } الذي هو الإيمان والتوحيد { فَيَمُتْ } بد الارتداد { وَهُوَ كَافِرٌ } ساتر طريق الحق ، تارك مشرب التوحيد { فَأُوْلۤـٰئِكَ } الكافرون المرتدون عن طريق الإيمان والإسلام { حَبِطَتْ } هلكت وسقطت عن الاعتبار عند الله { أَعْمَالُهُمْ } بالمرة إضلالاً { فِي ٱلدُّنْيَا } لحرماتهم عن مصاحبة أهل الإيمان والفرقان { وَ } لا في { ٱلآخِرَةِ } لإرجاعهم نفوسهم إلى قعر الإمكان المفضي إلى أسفل دركات النيران { وَأُوْلۤـٰئِكَ } المحرمون عن لذَّة التوحيد { أَصْحَابُ ٱلنَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } [ البقرة : 217 ] إلى ما شاء الله ، لا حول ولا وقة إلا بالله . ثم قال سبحانه : { إِنَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ } بالتوحيد الذاتي وأدى إيمانهم إلى أن وصولوا إلى مرتبة اليقين العلمي { وَٱلَّذِينَ هَاجَرُواْ } وتركوا ما يضاده وينازعه إلى أن وصلوا إلى مرتبة اليقين العيني { وَ } بعد ذلك { جَٰهَدُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ } مع نفوسهم إلى أن وصلوا بل اتصلوا باليقين الحقي { أُوْلۤـٰئِكَ } المقربون المدرجون في طريق الوصول { يَرْجُونَ رَحْمَتَ ٱللَّهِ } ما داموا في السلوك بأشباحهم { وَٱللَّهُ } المطلع لضمائرهم { غَفُورٌ } ساتر لهم أشباحهم عن عيون بصائرهم { رَّحِيمٌ } [ البقرة : 218 ] لهم ، يوصلهم إلى ما يتوجهون إليه من جنة الذات بمنه وجوده . أدركنا بلطفك يا خفي الألطاف .