Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 238-242)
Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
ثم لما كان للعارف الحائر المسغرق في بحر الحيرة ميولاً وتوجهات متعددة بحسب تجددات أنفاسه ونفساته المستنشقة ، المستمدة بها النفسات الرحمانية ، المهبة من يمن عالم اللاهوت ، المنتشئة من الذات الأحدية ، المتجلية بالتجليات الجمالية والجلالية ، المعبرة بالأسماء والصفات الإلهية المتخالفة في الآثار والمقتضيات على حسب الكمال ؛ أراد سبحانه أن ينبه عليه بمخالطته الميول والصلوات في الأوقات كلها ؛ لئلا ينشغل عن الحق في وقت من الأوقات ، فقال : { حَافِظُواْ } وداوموا أيها المتوجهون إلى توحيد الذات { عَلَى ٱلصَّلَوَٰتِ } المكتوبة لكم في الأوقات المتعارفة { و } خصوصاً { ٱلصَّلَٰوةِ ٱلْوُسْطَىٰ } التي هي عبارة عن التوجه الرفيق المعنوي بين كل نفسين من أنفاسكم { وَ } بالجملة : { قُومُواْ } أيها الأظلال الهالكة في نفسها المستهلكة في الذات الأحدية ؛ إذ لا وجود لكم من ذواتكم { للَّهِ } المظهر لكم من كتم العدم بامتداد أظلال أسمائه ؛ ورش من بحر جود وجوده عليكم { قَٰنِتِينَ } [ البقرة : 238 ] متذللين خاضعين ، مفنين هويتكم الظلية الغير الحقيقية بالكلية في الهوية الحقيقة الإلهية . { فَإنْ خِفْتُمْ } عن مقتضيات القوى البشري { فَرِجَالاً } أي : فعليكم التوجه راجلين منسلخين عنها وعن مقتضياتها بالمرة { أَوْ رُكْبَاناً } راكبين عليها بتسخيرها بالرياضيات الشاقة إلى حيث ينصرف بالكلية عن مقتضاها { فَإِذَآ أَمِنتُمْ } من شرورها { فَٱذْكُرُواْ ٱللَّهَ } المفني للفرد والسوى مطلقاً { كَمَا عَلَّمَكُم مَّا لَمْ تَكُونُواْ تَعْلَمُونَ } [ البقرة : 239 ] لولا إنزاله سورة الإخلاص وكلمة التوحيد وغيرها من الآيات الدالة على التوحيد الذاتي . { وَٱلَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ } يستشرفون إلى الوفاة { مِنكُمْ } أيها المؤمنون { وَيَذَرُونَ } يتركون { أَزْوَاجاً } بعدم لزمهم أن يوصوا { وَصِيَّةً } مستخرجة من أموالهم { لأَزْوَاجِهِمْ } ليتمتعن بها { مَّتَاعاً إِلَى } انقضاء { ٱلْحَوْلِ } بعد موتهم { غَيْرَ إِخْرَاجٍ } لهن من المسكن المألوف ، وكان ذلك في أول الإسلام ، ثم نسخت بتعيين المدة لعدة الوفاة من أربعة أشهر وعشراً { فَإِنْ خَرَجْنَ } من مسكن الأزواج { فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ } أيها الحكام { فِي مَا فَعَلْنَ } من التطيب وترك الحداد وطلب الخطبة { فِيۤ } إصلاح { أَنْفُسِهِنَّ } إن كانت الأمور الصادرة منهم { مِن مَّعْرُوفٍ } مستحسن مشروع مرخص ، وإن لم يكن كذلك فعليكم الجناح أيها الحكام { وَٱللَّهُ عَزِيزٌ } غالب قادر على الانتقام ، ينتقم من المتجاوزين عن حدوده ، المتهاونين في إجراء أحكامه { حَكِيمٌ } [ البقرة : 240 ] في رعاية مصالح عباده . { وَ } واعلموا أيها المؤمنون أن { لِلْمُطَلَّقَاتِ } مطلقاً { مَتَاعٌ بِٱلْمَعْرُوفِ } المشروع المستحسن لازم { حَقّاً } ثابتاً { عَلَى } ذمة { ٱلْمُتَّقِينَ } [ البقرة : 241 ] المطلقين لهن منا دمن في العدة ؛ أي : جميع مؤنتهن عليهم فيها . { كَذَلِكَ } أي : مثل ما ذكر من أحكام الطلاق والأمر المتفرعة عليه { يُبَيِّنُ ٱللَّهُ } الهادي { لَكُمْ } جميع { آيَاتِهِ } الدالة على توحيده { لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ } [ البقرة : 242 ] رجاء أن تتأملوا فيها وتفوزوا بالفوز العظيم من عنده .