Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 243-245)

Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ أَلَمْ تَرَ } أيها الرائي { إِلَى ٱلَّذِينَ خَرَجُواْ مِن دِيَٰرِهِمْ } وهم أهل " داود " قرية قبل " واسط " وقع فيهم طاعون فخرجوا هاربين { وَهُمْ أُلُوفٌ } كثيير { حَذَرَ ٱلْمَوْتِ فَقَالَ لَهُمُ ٱللَّهُ } بعدما علم منهم الفرار عن قضائه : { مُوتُواْ } فماتوا بالمرة { ثُمَّ أَحْيَٰهُمْ } بدعاء حزقيل عليه السلام حين مر على تلك القرية ، فأبصروا قد عريت عظامهم وتفرقت أجسامهم فتعجب من ذلك ، فأوحى الله تعالى إليه ، ناد فيهم : أن قوموا بأمر الله ومشيئته ، فنادى فقاموا يقولون : سبحانك اللهم وبحمدك لا إله إلا أنت { إِنَّ ٱللَّهَ } المدبر لمصالح عباده { لَذُو فَضْلٍ } وإحسان { عَلَى ٱلنَّاسِ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَشْكُرُونَ } [ البقرة : 243 ] فضله وإحسانه . وبوجه آخر { أَلَمْ تَرَ } أيها المغتر الرائي { إِلَى ٱلَّذِينَ خَرَجُواْ مِن دِيَٰرِهِمْ } المألوفة المأنوسة وهي بقعة الإمكان { وَ } الحال أنهم { هُمْ أُلُوفٌ } متألفون فيها مع بني نوعهم { حَذَرَ ٱلْمَوْتِ } الإرادي { فَقَالَ لَهُمُ ٱللَّهُ } الهادي إلى توحيد الذات بلسان مرشديهم : { مُوتُواْ } عن إنابتكم وهويتكم أيها المتوجهون إلى بحر الحقيقة ، فماتوا عن مقتضيات القوى البشرية ، ولوازم الحياة الطبيعية بالكلية { ثُمَّ أَحْيَٰهُمْ } الله بالحياة الحقيقية والعلم اللدني والوجود العيني الحقي ، والبقاء الأزلي السرمدي { إِنَّ ٱللَّهَ } المتكفل لأمور عباده { لَذُو فَضْلٍ عَلَى ٱلنَّاسِ } الناسين منزلهم الأصلي ومقصدهم الحقيقي بإيصالهم إلى ما هم عليه قبل نزولهم إلى فضاء الإمكان { وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَشْكُرُونَ } [ البقرة : 243 ] ولا يعقلون ولا يفهمون نعمة الوصول إلى الموطن الأصلي والمقام الحقيقي حتى يقوموا بشكره ويتواظبوا عليه . { وَ } إن أردتم أيها المؤمنون أن تكونوا من الشاكرين لنعمه الفائزين بفضله وإحسانه { قَٰتِلُواْ } مع الكفرة التي هي القوى الحيوانية { فِي سَبِيلِ اللَّهِ } المفني للغير مطلقاً ، واعلموا إن متم فإلى الله تحشرون ، وإن عشتم فإلى الله تبعثون ، وما لكم أيها المؤمنون ألاَّ تقاتلوا مع جنود الشياطين حتى تنجوا من مهلكة الإمكان ، وتصلوا إلى فضاء الوجوب { وَٱعْلَمُوۤاْ أَنَّ ٱللَّهَ سَمِيعٌ } لأقوالكم المتعلقة بعدم الجهاد { عَلِيمٌ } [ البقرة : 244 ] بنياتكم المترتبة على الحياة الطبيعية . { مَّن ذَا } العارف { ٱلَّذِي يُقْرِضُ ٱللَّهَ } أي : يفوض ويسلم هوية الإمكان وماهية الكوني والكياني إلى الله المسقط للهويات مطلقاً { قَرْضاً حَسَناً } تفويضاً سلساً نشطاً فرحاناً بلا مضايقة ولا مماطلة ، راضياً بما قضى عليه ، صابراً على عموم البلوى المقربة إليه { فَيُضَٰعِفَهُ لَهُ } بعدما فني عن هيوته فيه { أَضْعَافاً كَثِيرَةً } لا يحيط بكنهها إلا هو ؛ إذ المحدث قرن بالعديم ، وترتب عليه ما ترتب عليه بل سقط الاثنينية بالكلية ، وارتفع غيار الأغيار بالمرة { وَٱللَّهُ } الواحد الأحد الصمد { يَقْبِضُ } إلى ذاته ما ينشر { وَيَبْسُطُ } كم أظلال أسمائه وصفاته وآثار تجلياته الذاتية { وَإِلَيْهِ } لا إلى غيره { تُرْجَعُونَ } [ البقرة : 245 ] أيها الأظلال والآثار طوعاً وكرهاً .