Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 258-259)
Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ أَلَمْ تَرَ إِلَى } الكافر العابد للطاغوت وهو نمورد اللعين المعاند { ٱلَّذِي حَآجَّ } جادل مكابرة مع { إِبْرَاهِيمَ } صلوات الرحمن عليه { فِي } شأن { رَبِّهِ } حين { أَنْ آتَاهُ ٱللَّهُ ٱلْمُلْكَ } وأبطره عليه وغيره بملكه وذلك وقت { إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ } إلزاماً له حين أخرجه من السجن ، فسأكل عن ربه الذي يدعي الدعوة إليه : { رَبِّيَ ٱلَّذِي يُحْيِـي } يُوجِدُ من العدم { وَيُمِيتُ } يرد إليه بعد إيجاده { قَالَ } مكابرة ومجادلة : { أَنَا } أيضاً { أُحْيِـي وَأُمِيتُ } بالعفو والقصاص { قَالَ إِبْرَاهِيمُ } تصريحاً لإلزامه من غير التفات إلى كلام : { فَإِنَّ ٱللَّهَ } القادر على ما يشاء { يَأْتِي بِٱلشَّمْسِ مِنَ ٱلْمَشْرِقِ فَأْتِ } أيها المعاند المكابر { بِهَا مِنَ ٱلْمَغْرِبِ فَبُهِتَ ٱلَّذِي كَفَرَ } بالله بالمعارضة معه فصار مبهوتاً متحيراً { وَٱللَّهُ } الهادي للكل { لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلظَّالِمِينَ } [ البقرة : 259 ] المجاوزين عن حقوق الله وآداب العبودية معه . { أَوْ كَٱلَّذِي } أي : ألم تر إلى الشخص الذي { مَرَّ عَلَىٰ قَرْيَةٍ } هي البيت المقدس في زمان خربها بُخْتنَصَّر فرآها { وَهِيَ خَاوِيَةٌ } ساقطة { عَلَىٰ عُرُوشِهَا قَالَ } محاجاً مجادلاً مبعداً للحشر والنشر : { أَنَّىٰ يُحْيِـي هَـٰذِهِ ٱللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا } أي : كيف يقدر على إحياء أهلها وهم قد انقرضوا واندرسوا إلى حيث لم يبق منهم أثر ؟ { فَأَمَاتَهُ ٱللَّهُ } فجأة ؛ إظهار لقدرته وتبييناً لحجته ، وألبثه { مِئَةَ عَامٍ } ميتاً كالأموات الأخر { ثُمَّ بَعَثَهُ } إحياءً بعد تلك المدة ، ثم سأله هاتف بأن { قَالَ كَمْ لَبِثْتَ } في هذا المكان { قَالَ لَبِثْتُ يَوْماً } والتفت إلى الشمس فرآها باقية قال : { أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ } السائل : ما تعرف مدة لبثك { بَل لَّبِثْتَ مِئَةَ عَامٍ فَٱنْظُرْ } أيها المبعد للحشر الجسماني بنظر العبرة إلى كمال قدرة الله { إِلَىٰ طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ } لم يتغير مع سرعة تغييره { وَٱنْظُرْ إِلَىٰ حِمَارِكَ } كيف تفرقت عظامه وتفتت أجزاؤه مع بطء تغيره وبعد ما نظرت إليهما تذكر قولك حين مرورك على القرية : أنَّى يحيي هذه الله بعد موتها ؟ فألزم . ثم قيل له من قبل الحق : { وَ } إنما فعلنا ذلك معك أيها المبعد للحشر الجسماني { لِنَجْعَلَكَ آيَةً } ودليلاً وحجة { لِلنَّاسِ } القائلين بالحشر الجسماني على المنكرين المبعدين لها { وَ } بدما تحققت حالك { ٱنْظُرْ } بنظرة العبرة { إِلَى ٱلعِظَامِ } الرفات التي تعجبت من كيفية إحيائها وأنكرت عليها { كَيْفَ نُنْشِزُهَا } نركب بعضها مع بعض { ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْماً } بعد تتميم تركيب العظام { فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ } أمر الحشر ألزم وسلم و { قَالَ أَعْلَمُ } يقيناً { أَنَّ ٱللَّهَ } القادر { عَلَىٰ } إحياء { كُلِّ شَيْءٍ } مبدئاً مبدعاً { قَدِيرٌ } [ البقرة : 259 ] على إحيائه معيداً .