Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 260-261)

Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَ } اذكر يا أكمل الرسل وقت { إِذْ قَالَ } أبوك { إِبْرَاهِيمُ } صلوات الرحمن عليه حين أراد أن يندرج ويرتقي من العلم إلى العين { رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِـي ٱلْمَوْتَىٰ } قال له ربه تنشيطاً له على الترقي : { قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن } تذعن وتوقن بأني قادر على الإعادة كما أني قادر على الإيجاد الإبداعي { قَالَ بَلَىٰ } آمنت يا ربي بأنك على كل شيء قدير { وَلَـكِن } سألتك المعاينة { لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي } بها ويزيد بصيرتي بسببها ، ويزداد حيرتي منها { قَالَ } سبحانه : { فَخُذْ أَرْبَعَةً مِّنَ ٱلطَّيْرِ } طاووس مزخرفات الدنيا الدنية ، وديك شهواتها وغراب الآمال الطويلة فيها ، وحمام الأهواء الباطلة المتعلقة بها ، وبعدما أخذتهها { فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ } أي : أمسكهن ، اضممهن إلى نفسك بحيث تجد جميع أجزائك في نفسك على التفصيل بلا فوت جزء ، ثم جزئهن أجزاء هوائية هبائية . { ثُمَّ ٱجْعَلْ عَلَىٰ كُلِّ جَبَلٍ } من الجبال المشهورة لك في نفسك { مِّنْهُنَّ جُزْءًا } إلى حيث تخليت فناءها بالمرة ، واطمأننت عن شرورها بالكلية { ثُمَّ ٱدْعُهُنَّ } فارضاً وجودهن ، مستحيلاً إيجادهن { يَأْتِينَكَ } بأجمعهن { سَعْياً } ساعيات مسرعات بلا فوات جزء ونفقصان شيء { وَ } بعدما تحققت بها واستكشفت عنها { ٱعْلَمْ } يقيناً بل عياناً { أَنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ } غالب قادر لكل ما أراد { حَكِيمٌ } [ البقرة : 260 ] ذو حكمة بالغة في كل ما يفعل ويريد . وإنكار الحشر والنشر إنما نشأ من العقل الجزئي ، المشوب بالوهم والخيال القاصر عن إدراك رقائق الارتباطات الواقعة بين الحق وأجزاء العالم المستمدة منه ، وإنما متجددة مبتدئة معادة ، وإلا فمن خلص عقله المودع فيه عن مزاحمة الأوهام والخيالات ، واتصل بالعقل الكل المدرك بالحضور جميع ما كان ويكون من المكونات ، وتأمل في عجائب المصنوعات وغرائب المبدعات ، والمخترعات الواقعة في الآيات التي هو فيها ، انكشف له للا سترة وحجاب أمر الحشر والنشر وجحميع الأمور المتعلقة بالنشأة الأولى والأخرى ، لا ينكر شيئاً منها ، بل يؤمن ويوقن بجميعها . ربنا آتنا من لدنك رحمة وهيئ لنا من أمرنا رشداً . { مَّثَلُ ٱلَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ } المنسوبة إليهم بنسبة شرعية { فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ } طلباً لمرضاته { كَمَثَلِ } باذر { حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّئَةُ حَبَّةٍ وَٱللَّهُ يُضَاعِفُ } حسب قدرته الكاملة تلك المضاعفة بأضعافٍ غير متناهية { لِمَن يَشَآءُ } من خلص عباده بحسب إخلاصهم في نياتهم وإخراجهم نفوسهم عن البين ، وتفويضهم الأمور كلها إلى الله أصالة { وَٱللَّهُ } المتجلي في الآفاق والأنفس { وَاسِعٌ } لا ضيق في فضله وإحسانه { عَلِيمٌ } [ البقرة : 261 ] بحال من توجه نحوه وأنفق لرضاه مخلصاً ، لا يعزب عن علمه شيء .