Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 22, Ayat: 44-50)

Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَأَصْحَابُ مَدْيَنَ } أخاك شعيباً عليه السلام { وَ } لا سيما { كُذِّبَ مُوسَىٰ } يعني : كذّب بنو إسرائيل أخاك موسى الكليم عليه السلام مراراً متعددة ، مع أن آياته ومعجزاته من أظهر الآيات وأبهر المعجزات { فَأمْلَيْتُ } وأملهت { لِلْكَافِرِينَ } المكذبين المعاندين المستكبرين { ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ } بأنواع العذاب والنكال إلى أن أهلكتُهم وأستأصلتُهم { فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ } [ الحج : 44 ] إياهم وإنكاري عليهم بعد إمهالي بأن النعمة عليهم نقمة ، والمنحةَ محنة ، واللذة ألماً ، والفرح ترحاً ، والقصور قبوراً . ولا تتعجب يا أكمل الرسل من كمال قدرتنا وبسطتنا أمثال هذا { فَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا } أي : أهكلنا كثيراً من أهل قرية بأنواع العذاب والعقاب { وَهِيَ ظَالِمَةٌ فَهِيَ } أي : أهلها خارجة عن مقتضى حدود الله فهي الآن من ظلم أهلها { خَاوِيَةٌ } ساقطةُ { عَلَىٰ عُرُوشِهَا } أي : ساقطة جدرانها على سقوفها من غاية انهدامها وانتكاسبها { وَ } كم { بِئْرٍ } معينة { مُّعَطَّلَةٍ } لا يستقى منها لهلاك أهلها { وَ } كم { قَصْرٍ } عالٍ { مَّشِيدٍ } [ الحج : 45 ] محكم أركانه وبنيانه ، مجصص أساسه وجدرانه ، خالٍ عن ساكنيها ، غير مسكون فيها . { أَ } ينكرون هذه المذكورات { فَلَمْ يَسِيرُواْ } ويسافروا { فِي ٱلأَرْضِ } المعدة للعبرة والاستبصار { فَتَكُونَ } وتحصل { لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ } ويعتبرون { بِهَآ } من الوقائع الواقعة فيها للأم الهاكة { أَوْ } تحصل لهم { آذَانٌ } وقوة استماع { يَسْمَعُونَ بِهَا } أخبارهم وآثارهم ، وكيفية إهلاكهم واستئصالهم { فَإِنَّهَا } أي : شأن قصصهم ووقائعهم أنها { لاَ تَعْمَى ٱلأَبْصَارُ } منها ؛ لأن الأبصار تشاهد آثارهم وأطلالهم { وَلَـٰكِن تَعْمَىٰ ٱلْقُلُوبُ ٱلَّتِي فِي ٱلصُّدُورِ } [ الحج : 46 ] إذ لم يعتبروا منها ولم يستبصروا ولم ينظروا إليها نظر المعتبر المتأمل والمستبصر الخبير ، والجملة من لم يعتبر بما جرى على الأمم الهالكة من الوقائع الهائلة ، فهم عميٌ قلوبهم وإن كانت أعينهم صحيحة . وبعدما استبطأ الكفار نزول العذاب الموعود وقالوا : { مَتَىٰ هَـٰذَا ٱلْوَعْدُ } [ يونس : 48 ] نزل : { وَيَسْتَعْجِلُونَكَ } يا أكمل الرسل { بِٱلْعَذَابِ } الموعود على لسانك { وَلَن يُخْلِفَ ٱللَّهُ } الصادق في { وَعْدَهُ } الذي وعده وإن كان بعد حين ، سينزل ألبتة { وَإِنَّ يَوْماً } من أيام العذاب { عِندَ رَبِّكَ } يا أكمل الرسل { كَأَلْفِ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ } [ الحج : 47 ] في الدنيا في الشدة والعناء ، فلا تستعجلوه يا هؤلاء الحمقى ؟ . { وَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ } أي : من أهلها { أَمْلَيْتُ } وأمهلت { لَهَا } وأخَّرت عنها عذابها { وَهِيَ ظَالِمَةٌ } أهلها مستحقة للعذاب أمثالكم { ثُمَّ أَخَذْتُهَا } بالعذاب الشديد بعدما كمل وازداد أهلها موجباته { وَ } لا مخلص لهم منه ؛ إذ { إِلَيَّ ٱلْمَصِيرُ } [ الحج : 48 ] أي : مرجع الكل إليّ ومنقبلهم عندي ، ولا مقصد لهم غيري ، وإن لم يعرفوا . { قُلْ } يا أكمل الرسل كلاماً خالياً عن وصمة الكذب صادراً عن محض الحكمة : { يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ } المجبولون على الغفلة والنسيان { إِنَّمَآ أَنَاْ لَكُمْ نَذِيرٌ } مرسلٌ من عند الله { مُّبِينٌ } [ الحج : 49 ] مظهرٌ لكم موانعكم وعوائقكم عن طريق الحق وطريق مستقيم . { فَٱلَّذِينَ آمَنُواْ } منكم بالله وصدّقوا رسله وكتبه { وَ } مع الإيمان والتصديق { عَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ } المأمورة لهم على ألسنة رسلهم وكتبهم المقبولة المرضية عند ربهم { لَهُمْ } بواسطة إيمانهم وعملهم { مَّغْفِرَةٌ } ستر وعفو لما مضى من الذنوب ، وجرى عليه من المعاصي { وَرِزْقٌ كَرِيمٌ } [ الحج : 50 ] من الصوري والمعنوي في الجنة جزاءً لإيمانهم وصالح أعمالهم .