Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 25, Ayat: 27-31)

Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَ } اذكر يا أكمل الرسل لمن ظلمك وأساء الأدب معك ، وأراد مقتك وطردك بغياً عليك واستكباراً { يَوْمَ يَعَضُّ ٱلظَّالِمُ } الجاحد الخارج عن مقتضى الأدب مع الله ورسوله { عَلَىٰ يَدَيْهِ } تحسراً على تفريطه وإفراطه في العتو والاستكبار ، والجحود والإنكار { يَقُولُ } حينئذٍ متحسراً متمنياً : { يٰلَيْتَنِي ٱتَّخَذْتُ مَعَ ٱلرَّسُولِ } الهادي إلى سواء السبيل { سَبِيلاً } [ الفرقان : 27 ] يوصلني إلى منهج الرشاد ، وينجِّني عن هذا العذاب . { يَٰوَيْلَتَىٰ } تعالي يا هلكتى ، أسرعي { لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاَناً } مضلا ً { خَلِيلاً } [ الفرقان : 28 ] صديقاً أضلني عن خلة الرسول المرشد المنجي والله . ذلك المغوي { لَّقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ ٱلذِّكْرِ } أي : عن ذكر الله ذكر رسوله ومصاحبة المؤمنين { بَعْدَ إِذْ جَآءَنِي } واختلط معي ، وصار صديقي وخليلي ، بل صار شيطاناً فوسوس عليَّ ، وأعرضني عن طريق الحق { وَكَانَ ٱلشَّيْطَانُ } المضلُّ المغوي سواء كان جِنّاً أو إنساً أو نفساً { لِلإِنْسَانِ } المجبول على الغفلة والنسيان { خَذُولاً } [ الفرقان : 29 ] يخذله ويحرمه عن الجنان ، ويسوقه إلى دركات النيران بأنواع الخيبة والحرمان ، ونعوذ بك يا ذا الفضل والإحسان من شرِّ الشيطانز { وَ } بعدما طعنوا في القرآن كثيراً ، ونبذوه وراء ظهورهم نبذاً يسيراً بلا التفات لهم إليه وإلى ما فيه من الأوامر والنواهي { قَالَ ٱلرَّسُولُ } مشتكياً إلى الله مناجياً : { يٰرَبِّ إِنَّ قَوْمِي } الذي بعثتني إليهم ؛ لأهديهم وأرشدهم إلى توحيدك ، وأبني لهم حدود ما أنزلت إليَّ من الكتاب المعجز الجامع لجميع ما في الكتب السالفة ، المشتمل على جميع المعارف والحقائق والحِكم ، والأحكام المتعلقة بالتدين والتخلق في طريق توحيدك وتفريدك وتقديسك ، مع أن هؤلاء الجهلة المسرفين { ٱتَّخَذُواْ هَـٰذَا ٱلْقُرْآنَ } مع سطوع برهانه ، وقواطع حججه وتبيانه { مَهْجُوراً } [ الفرقان : 30 ] متروكاً لا يلتفتون إليه ولا يسترشدون منه ، ولا يتوجهون نحوهن بل يقدحون فيه ويكذبون ، وينسبون إليه ما لا يليق بشأنهز { وَ } بعدما بث صلى الله عليه وسلم شكواه إلى ربه ، وبسط فيها معه سبحانه ما بسط ، قال سبحانه تسليةً له صلى الله عليه وسلم ، وإزالةً لشكواه : لا تبالِ بهم وبشأنهم ، ولا تحزن من سوء فعالهم ؛ إذ { كَذَلِكَ } أي : مثل ما جعلنا لك يا أكمل الرسل أعداءً منكرين مكذبين { جَعَلْنَا } أيضاً { لِكُلِّ نَبِيٍّ } من الأنبياء الماضين { عَدُوّاً مِّنَ ٱلْمُجْرِمِينَ } المنكرين المكذبين لهم ، ويسيئون الأدب معهم ويطعنون بكتبهم ، ولا ينصرونهم ولا يروجون دينهم ولا يقبلون منهم قولهم ، وليس هذا مخصوصاً بك و بدينك وكتباك { وَ } بالجملة : لا تحزن عليهم ؛ إذ { كَفَىٰ بِرَبِّكَ } أي : كفى ربك لك { هَادِياً } يرشدك إلى مقصدك ، ويغلبك على عدوك { وَنَصِيراً } [ الفرقان : 31 ] حسيباً يكفيك مؤونة شرورهم وعداوتهم وإنكارهم .