Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 26, Ayat: 192-204)

Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَإِنَّهُ } أي : القرآن { لَتَنزِيلُ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } [ الشعراء : 192 ] كالكتب السالفة . { نَزَلَ بِهِ } بالتخفيف { ٱلرُّوحُ ٱلأَمِينُ } [ الشعراء : 193 ] كما نزل سائر الكتب ، وهو جبرائيل عليه السلام - سُمي به ؛ لأمانته على الوحي الإلهي بأن أوصله إلى ما أنزل إليه بلا تغيير وتبديل أصلا - نزل به على قلبك يا أكمل الرسل ؛ لتكون أنت أيضاً كسائر الرسل من المنذرين ؛ لتنذر أهل الغفلة والغرور من قومك ، كما أنذروا . لذلك أنزله سبحانه { بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ } [ الشعراء : 195 ] ظاهر الدلالة وواضح الفحوى ، مناسباً بلغة من أُرسلت إليهم ، ولو أنزله على لغة العجم كالكتب السالفة لقالت العرب : ما نفهم معناه ، ولا نعرف مقتضاه . { وَإِنَّهُ } أي : إنزال القرآن عليك يا أكمل الرسل عربياً { لَفِي زُبُرِ ٱلأَوَّلِينَ } [ الشعراء : 196 ] أي : مثبتاً مزبوراً في كتبهم مع نعتك أيضاً وحليتك ، وجميع أوصافك . { أَ } تنكرون صدق القرآن وصحة نزوله من عند الله على محمد صلى الله عليه وسلم { وَ لَمْ يَكُن لَّهُمْ } ولم تثبت عندهم { آيَةً } تدل على صدقه وحقيته ، وصحة نزوله من عند الله ، وهي { أَن } أي : إنه { يَعْلَمَهُ } ويعرفه { عُلَمَاءُ بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ } [ الشعراء : 197 ] وأحبارهم ، يخبرون به ويقرؤون في كتبهم اسمه ، واسم من أُنزل إليه ونعته وحليته . { وَلَوْ نَزَّلْنَاهُ } أي : القرآن { عَلَىٰ بَعْضِ ٱلأَعْجَمِينَ } الشعراء : 198 ] { فَقَرَأَهُ عَلَيْهِم } بلسانهم وعلى لغتهم { مَّا كَانُوا بِهِ مُؤْمِنِينَ } [ الشعراء : 199 ] حينئذٍ ، معللين بأنَّا لا نفهم معناه ، ولا نعرف فحواه ، فكيف عملنا به وامتثلنا به فيه ؟ . { كَذَلِكَ } أي : مثل ما قررنا القرآن وأدخلناه في قلوب المؤمنين { سَلَكْنَاهُ } وأدخلناه أيضاً { فِي قُلُوبِ ٱلْمُجْرِمِينَ } [ الشعراء : 200 ] إلا أن المؤمنين آمنوا به وامتثلوا بما فيه ؛ لصفاء طينتهم . والمجرمون { لاَ يُؤْمِنُونَ بِهِ } عناداً ومكابرةً ؛ لخبث طينتهم { حَتَّىٰ يَرَوُاْ ٱلْعَذَابَ ٱلأَلِيمَ } [ الشعراء : 201 ] المؤلم الملجء لهم إلى الإيمان في وقت لا ينفعهم إيمانهم . { فَيَأْتِيَهُم } العذاب الموعود لهم حينئذٍ من قبل الحق { بَغْتَةً } بلا تقديم مقدمة ، وسبق مادة { وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ } [ الشعراء : 202 ] نزوله . { فَيَقُولُواْ } بعدما نزل عليهم ، ووقعوا فيه متحسرين متمنين : { هَلْ نَحْنُ مُنظَرُونَ } [ الشعراء : 203 ] ممهلون زماناً ؛ حتى نتدارك ما فوتنا على نفوسنا من الإيمان بالله وتصديق كتبه ورسله . قيل لهم حينئذٍ من قبل الحق : { أَ } تستمهلون وتستنظرون أيها المصرون المسرفون { فَبِعَذَابِنَا } هذا { يَسْتَعْجِلُونَ } [ الشعراء : 204 ] فيما مضى مستهزئين متهكمين ، قائلين لرسلنا : { فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَآ … } [ الأحقاف : 22 ] ، و { فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً … } [ الأنفال : 32 ] ، و { فَأَسْقِطْ عَلَيْنَا كِسَفاً … } [ الشعراء : 187 ] وأمثال ذلك وحين نزل عليكم العذاب الموعود تستنظرون ؟ ! .