Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 27, Ayat: 1-6)

Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ طسۤ } يا طالب السيادة السرمدية ، والسعادة السنية الألية الأبدية { تِلْكَ } الآيات المتلوة عليك تعظيماً لشأنك ، وتتميماً لبرهانك { آيَاتُ ٱلْقُرْآنِ } أي : بعض آيات القرآن المبين ، والمبيِّن لدلائل التوحيد وبينات الفرقان ، والفارق بين الباطل والحق من الأحكام { وَكِتَابٍ مُّبِينٍ } [ النمل : 1 ] من منتخب لوح القضاء ، وحضرة العلم الإلهي المحيط بجميع ما لمع عليه برق وتجلياته الحبيبة . إنما أُنزلت إليك يا أكمل الرسل من عنده سبحانه ؛ لتكون { هُدًى } هادياً لك إلى مقام تمكنك من التوحيد الذاتي { وَ } لتكون { بُشْرَىٰ } بأنواع السعادات ، ونيل أصناف الخيرات والبركات ، ورفع الدرجات وأنواع المثوبات { لِلْمُؤْمِنِينَ } [ النمل : 2 ] التابعين لك في شأنك ودينك إن اطمأنت قلوبهم بالإيمان ؛ أي : اليقين العلمي المستجلب لليقين العيني والحقي . والمطمئنون هم { ٱلَّذِينَ يُقِيمُونَ ٱلصَّلاَةَ } المكتوبة المفروضة لهم من قِبَل الحق في الأوقات المخصوصة ، ويؤدونها على الوجه الذي وصل إليه من صاحب الشرع الشريف بلا تخفيف ولا تسريف ؛ ليتقربوا بها نحو الحق ، وزاد يقينهم وتصديقهم بسببها { وَيُؤْتُونَ ٱلزَّكَاةَ } المصفية لقلوبهم عن الميل إلى ما سوى الحق من الزخرفة الفانية ؛ ليتمرنوا بسببها على إسقاط الإضافات العائقة عن الوصول إلى وحدة الذات . { وَ } بالجملة : { هُم } في جميع شئونهم وحالاتهم { بِٱلآخِرَةِ } المعدَّة لجزاء الأعمال وتنقيد الأفعال { هُمْ يُوقِنُونَ } [ النمل : 3 ] علماً وعيناً ؛ لأن أرباب الخبرة والبصائر المنكشفين بتعاقب النشأتين يرون في النشأة الأولى ما سيلحقهم في الأخرى ؛ لذلك يترددون في الأولى للأخرى ، ويزرعون فيها ما يحصدون فيها . ثمَّ قال سبحانه على مقتضى سنته المستمرة في كتابه : { إِنَّ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ } ولا يصدقون { بِٱلآخِرَةِ } عناداً ومكابرةً { زَيَّنَّا } وحسناً { لَهُمْ أَعْمَالَهُمْ } القبيحة الفاسدة الدنيوية ، وأمهلنا لهم علينا زماناً ؛ ليستحقوا أشد العذاب وأسوا العقاب { فَهُمْ } بواسطة إمهالنا إياهم في سكرتهم وغفلتهم { يَعْمَهُونَ } [ النمل : 4 ] يترددون ويتحيرون بطرين بما لهم من الترفة والتنعم . { أُوْلَـٰئِكَ } الأشقياء البعداء عن عز الحضور ، هم { ٱلَّذِينَ لَهُمْ سُوۤءُ ٱلْعَذَابِ } في النشأة الأولى { وَهُمْ فِي ٱلآخِرَةِ هُمُ ٱلأَخْسَرُونَ } [ النمل : 5 ] المقصورون على الخسران والخذلان ، لا يُرجى لهم نيل مثوبة ورفع درجة ، وتخفيف عذاب وقبول شفاعة ، ولا خسران أعظم من ذلك ؛ لذلك أصاب يوم بدر ما أصاب ، وسيصيب لهم في الآخرة بأضعافه وآلافه . ثمَّ قال سبحانه مخاطباً لحبيبه تفضلاً عليه ، وأمتناناً له في إنزال القرآن إليه ووحيه عليه : { وَإِنَّكَ } يا أكمل الرسل ؛ لنجابة طينتك وطهارة فطرتك { لَتُلَقَّى ٱلْقُرْآنَ } ويؤتى بك ، وينزل إليك { مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ } مبالغ في الإحكام والإتقان { عَلِيمٍ } [ النمل : 6 ] باسعدادات الأنام ، وقابليتهم التي بها تتفاوت طبقاتهم فضلاً وكرامةً .