Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 27, Ayat: 81-86)
Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَ } بالجملة : { مَآ أَنتَ } أيها المرسل للهداية ، والمبعوث للإرشاد والتكميل { بِهَادِي ٱلْعُمْيِ } الفاقدين لآلات الهداية وأسبابها { عَن ضَلالَتِهِمْ } المركوزة في جبلتهم الراسخة في طباعهم { إِن تُسْمِعُ } أي : ما تسمع أنت هدايتك وإرشادك أيها الهادي بوحينا وتوفيقنا { إِلاَّ مَن يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا } الدالة على كمال وحدة ذاتنا ، وقدرتنا وعلمنا وإرادتنا ويصدق بجميع ما جئت به من عندنا { فَهُم مُّسْلِمُونَ } [ النمل : 81 ] منقادون لأوامرنا وأحكامنا ، مجتنبون عن نواهينا ومحظوراتنا ، فهم من شدة شقاوتهم وغلظ غشاوتهم لا يؤمنون بك ولا يسلمون ، فكيف يتأتى لك إسماعهم وإراشدهم ؟ ! . { وَ } اصبر يا أكمل الرسل { إِذَا وَقَعَ ٱلْقَوْلُ } الموعود { عَلَيْهِم } ولاح أمارات الساعة وظهر علامات القيامة ، ودنا وقت قيامها { أَخْرَجْنَا لَهُمْ } قبيل قيام الساعة { دَآبَّةً } عظيمة { مِّنَ ٱلأَرْضِ } لتكون أمارة على قيامها ، دالة على كمال قدرتنا على إحياء الأموات من العظام الرفات ، طولها سبعون ذراعاً ، ولها قوائم وزغب ؛ أي : شعرات صفر كريش الفرخ ، وريش وجناحان ، يقال لها : الجساسة ، لا يفوتها هارب ولا يدركها طالب . سُئل عليه السلام عن مخرجها فقال : " من أعظم المساجد حرمة على الله تعالى " يعني : المسجد الحرام . فإذا خرجت عليهم { تُكَلِّمُهُمْ } وتخاطب معهم بسوء فعالهم وحسن خصالهم فتفرق المؤمن من الكافر ، وحينئذٍ ظهر { أَنَّ ٱلنَّاسَ } المنهمكين في بحر الغفلة والنيسان لأي شيء { كَانُوا بِآيَاتِنَا } الواصلة إليهم من ألسنة رسلنا { لاَ يُوقِنُونَ } [ النمل : 82 ] ولا يذعنون ، بل ينكرون ويكذبون عناداً أو مكابرةً . { وَيَوْمَ } اذكر يا أكمل الرسل { نَحْشُرُ } ونسوق عند قيام الساعة { مِن كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً } فرقة وجماعة هي صناديدهم ورؤساؤهم { مِّمَّن يُكَذِّبُ بِآيَاتِنَا } التي جاء بها رسلنا ؛ لإهدائهم وإرشادهم { فَهُمْ } في حين حشرهم وسوقهم { يُوزَعُونَ } [ النمل : 83 ] أي : يحبس أولهم لآخرهم ؛ حتى يتلاقوا ويزدحموا ، ويساقون أولئك المجرمون هكذا . { حَتَّىٰ إِذَا جَآءُو } المحشر وحضروا الموعد ، وعُرضوا على الله صافين صاغرين { قَالَ } قائل من قبل سرادقات العظمة والجلال معيداً عليهم : { أَكَذَّبْتُم } أنتم أيها المسرفون { بِآيَاتِي } في بادي الرأي بلا تأمل وتدبر فيها { وَلَمْ تُحِيطُواْ بِهَا عِلْماً } أي : لم تطرحوا نظركم وعقولكم عن فحض معانيها وفحاويها ؛ حتى ظهر عندكم ولاح عليكم هل هي جديرة بالرد والإنكار ؟ أم حقيق بالقبول والاعتبار ؟ فبادرتم إلى تكذيبها بلا إمعانٍ فيها { أَمَّا ذَا } أي : أم أي شيء شنيع { } كُنتُمْ تَعْمَلُونَ [ النمل : 84 ] أيها الجاهلون المسرفون ؟ ! . وبعدما جرى من أنواع التوبيخ ما جرى سكتوا حائرين ، خائبين منكوسين { وَ } حينئذٍ { وَقَعَ ٱلْقَوْلُ } المعهود منا ، وتحقق الوعد ، وحل العذاب الموعود { عَلَيهِم بِمَا ظَلَمُواْ } أي : بسبب ظلمهم السابق { فَهُمْ } حينئذٍ { لاَ يَنطِقُونَ } [ النمل : 85 ] ولا يعتذرون ، ولا يتضرعون ، يكبهم على النار منكوسين ؛ بحيث لا يسع لهم التنطق والتضرع أصلاً . { أَلَمْ يَرَوْاْ } ولم ينظروا أولئك الحمقى بنظر العبرة إلى مصنوعاتنا المتبدلة المتغيرة بقدرتنا واختيارنا ؛ ليتحقق عندهم أمر الساعة ، ولم يبادروا إلى إنكارها ؛ حتى لا يلحقهم ما لحقهم { أَنَّا } من كمال قدرتنا ، ووفور حولنا وقوتنا كيف { جَعَلْنَا ٱلْلَّيْلَ } مظلماً { لِيَسْكُنُواْ فِيهِ } بلا دغدغة منهم إلى الحركة والاشتغال { وَ } كيف جعلنا { ٱلنَّهَارَ مُبْصِراً } مضيئاً تتحركون وتترددون فيه يشغل معاشكم { إِنَّ فِي ذَلِكَ } الإظلام والإضاءة على التعاقب والتوالي { لآيَاتٍ } دلائل قاطعات ، وشواهد ساطعات على قدرة القديم القادر المقتدر على أمثال هذه المقدورات المتقنة ، والمصنوعات المحكمة الصادرة عن محض الحكمة { لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } [ النمل : 86 ] ويذعنون بوحدة ذات الله وكمال أوصافه وأسمائه .