Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 28, Ayat: 14-17)

Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَلَمَّا } ربته أمه ، وأحسنت تربيته بمعاونة عدوه إلى أن { بَلَغَ أَشُدَّهُ } كمال قوته في نشوئه ونمائه { وَٱسْتَوَىٰ } أي : كمل وتم عقله ورشده إلى أن صلح لحمل أعباء الرسالة { آتَيْنَاهُ } من كمال جودنا إيفاءً لما وعدنا له في سابق علمنا ، وكتبنا لأجله في لوح قضائنا { حُكْماً } نبوة ورسالة ؛ ليضبط به ظواهر الأحكام بين الأنام { وَعِلْماً } لدنياً متعلقاً بمعرفة ذات الحق المتصف بجلائل الأوصاف والأسماء ، وبمعرفة توحيده وتنزهه عن سمة الكثرة مطلقاً { وَكَذَلِكَ } أي : مثل ما جزينا موسى { نَجْزِي } عموم { ٱلْمُحْسِنِينَ } [ القصص : 14 ] من خلَّص عبادنا البالغين رتبة الإحسان ؛ لأنهم يعبدون الله كأنهم يرونه ؛ إنما أتى بلفظ الماضي مع أنه إنما أُرسل بعدما هاجر من بينهم إلى مدين تلميذ شعيب عليه السلام تنبيهاً على تحقق وقوعه . { وَ } بعدما بلغ أشده { دَخَلَ ٱلْمَدِينَةَ } أي : مصر { عَلَىٰ حِينِ غَفْلَةٍ مِّنْ أَهْلِهَا } لأنهم لا يترقبونه في ذلك الوقت ، قيل : هو وقت القيلولة ، وقيل : وقت العشاء { فَوَجَدَ } بعدما دخل { فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلاَنِ } قتالاً شديداً { هَـٰذَا } أي : أحد المقاتلين { مِن شِيعَتِهِ } أي : بني إسرائيل { وَهَـٰذَا } أي : الآخر { مِنْ عَدُوِّهِ } وبعدما وصل موسى إليهما { فَٱسْتَغَاثَهُ } أي : طلب منه الغوب والإغاثة ، الرجلُ { ٱلَّذِي مِن شِيعَتِهِ } هو { عَلَى } الرجل { ٱلَّذِي } هو { مِنْ عَدُوِّهِ } لأن العدو غالب عليه ، وبعدما وجد موسى صديقه مظلوماً مغلوباً . { فَوَكَزَهُ } أي : العدو { مُوسَىٰ } أي : ضم أصابعه ومجتمعة مقبوضة فضرب بها العدو مرة { فَقَضَىٰ عَلَيْهِ } أي : هلك : وانفصل روحه بوكزة واحدة فخجل من فعله هذا ، واسترجع إلى الله مستحيياً منه سبحانه ، حيث { قَالَ هَـٰذَا } أي : ما جئت به من الفعلة الشنيعة { مِنْ عَمَلِ ٱلشَّيْطَانِ } إذ هو يغريني عليه { إِنَّهُ } أي : الشيطان المغري المغوي { عَدُوٌّ } لأهل الحق وأرباب اليقين { مُّضِلٌّ } لهم يضلهم عن الطريق المستبين { مُّبِينٌ } [ القصص : 15 ] ظاهر العداوة والضلالة بالنسبة إلى أرباب الرشد والكمال . { قَالَ } موسى متضرعاً نحو الحق ، آيباً إليه ، تائباً عما صدر عنه ، مناجياً له عن محض الندم : { رَبِّ } يا من رباني بأنواع اللطف والكرم بين يدي عدوي ، وخلصني من البلية العاممة يمقتضى جودك { إِنِّي } بالإقدام على هذا الأمر الشنيع { ظَلَمْتُ نَفْسِي } وعرضتها لعذابك بالخروج عن مقتضى حدودك بقتل هذا الشخص بلا رخصة شرعية { فَٱغْفِرْ لِي } يا ربّ زلتي بعدما تبت إليك ، ورجعت عن ذنبي نادماً ، والتجأت إلى بابك راجياً { فَغَفَرَ لَهُ } ربه زلته بعدما رجع إليه مخلصاً { إِنَّهُ هُوَ ٱلْغَفُورُ } لذنوب عباده بعدما رجعوا نحوه متذللاً خائباً خاسراً { ٱلرَّحِيمُ } [ القصص : 16 ] لهم يقبل توبتهم بعدما أخلصوا فيها ، وبعدما تاب ورجع عمَّا عمل خطأً . { قَالَ } مقسماً : { رَبِّ } يا من رباني بأنواع الكرامات أقسمت { بِمَآ أَنْعَمْتَ عَلَيَّ } من النعم العظام { فَلَنْ أَكُونَ } بعد اليوم { ظَهِيراً } مغيثاً ومعيناً { لِّلْمُجْرِمِينَ } [ القصص : 17 ] الذين أدت إغاثتهم إلى جرم كبير وذنب عظيم .