Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 28, Ayat: 22-24)
Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَآءَ مَدْيَنَ } أي : حهة قرية شعيب عليه السلام { قَالَ } راجياً إلى الله ، ذاكراً سوابق نعمه عليه من كمال فضله وكرمه : { عَسَىٰ رَبِّيۤ أَن يَهْدِيَنِي } بمقتضى جوده العميم { سَوَآءَ ٱلسَّبِيلِ } [ القصص : 22 ] أي : الطريق المستقيم المنجي عن العدو ، الموصل إلى الصديق المشفق ؛ ليهديني إلى صراط الله الأقوم الأعدل الذي هو التوحيد المخلص عن وساوس التقليد ، فعن له ثلاث طرق فاختار أوسطها بإلهام من الله إياه ، وجاء الطلاب عقيبه فاختاروا الآخرين ، فنجا من شرورهم سالماً . { وَلَمَّا وَرَدَ } ووصل بعدما سار ثمانية أيام بلا زاد ، يأكل الكلأ { مَآءَ مَدْيَنَ } أي : بئراً قرب مدين ، كان أهلها يسقون منها مواشيهم { وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً } أي : فرقة عظيمة { مِّنَ ٱلنَّاسِ } قعد عندهم من شدة الوصف والجوع والعطش ، وهم { يَسْقُونَ } وماشيهم بالدلو منها { وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ } أي : في مكان أبعد وأشغل من مكانهم { ٱمْرَأَتَينِ } معهما غنم كثير { تَذُودَانِ } أي : تطردان وتصرفان غنمهما عن اخلاط غنمهم ، وتبعدان عن الماء . { قَالَ } موسى سائلاً عنهما بعدما شاهد حاليهما وذودهما : { مَا خَطْبُكُمَا } أي : شأنكما وأمركما ؟ وأي : شيء مقصودكما من الذود مع أن أغنامكما في غاية العطش ؟ ! { قَالَتَا } مع كمال الاستحياء والتحفظ من مكالمته : { لاَ نَسْقِي } أغنامنا مع هؤلاء الرجال ؛ إذ نحن من أهل بيت النبوة لا نجتمع معهم في السقي ، بل نصبر { حَتَّىٰ يُصْدِرَ ٱلرِّعَآءُ } أي : يُخلوا الدلو ، ويُخرجوا مواشيهم إلى المرعى عن رأس الماء - الرعاء : جمع راعٍ كتجار : جمع تاجر ، هذا على قراءة : { يُصْدِرَ } بضم الياء وكسر الدال ، وأمَّا على قراءة : { يُصْدِرَ } بفتح الياء وضم الدال ؛ أي : يذهب الرعاء بمواشيهم مرتبة ، وينصرفوا من شفير البئر - إذ نحن لا نختلط مع أجانب الرجال { وَ } نحن من كمال اضطرارنا جئنا للسقي ؛ إذ { أَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ } [ القصص : 23 ] فاقد البصر ، وما لنا أخ وعم ، وليس لأبينا سوانا . وبعدما سمع موسى منهما ما سمع ، ورأى ما رأى من كمال العطف والعفة والعصمة قام مع أنه في غاية الضعف ؛ من شدة الجوع والوصب ، وعلى رأس البئر حجر عظيم يقله عند الاستسقاء جمع كثير ، فأقله وحده { فَسَقَىٰ لَهُمَا } جميع أغنامهما { ثُمَّ تَوَلَّىٰ } ونصرف { إِلَى ٱلظِّلِّ } وازداد جوعه ووصبه { فَقَالَ } ملتجئاً إلى ربه : { رَبِّ إِنِّي } من شدة جوعي وضعفي { لِمَآ أَنزَلْتَ إِلَيَّ } ورزقتني من موائد إفضالك وإنعامك { مِنْ خَيْرٍ } وصل إليَّ ، حينئذٍ { فَقِيرٌ } [ القصص : 24 ] محتاج مريد .