Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 28, Ayat: 25-28)
Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وبعدما تم مناجاته مع ربه ، وطلب حاجته منه سبحانه { فَجَآءَتْهُ إِحْدَاهُمَا } أي : إحدى المرأتين { تَمْشِي } نحوه { عَلَى ٱسْتِحْيَآءٍ } تام منه ، لما وصلت حوله سلمت عليه ، ثمَّ { قَالَتْ } له مستحيية : { إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ } ويكافئك { أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا } تبرعاً ، فأجابها موسى تبركاً برؤية شعيب عليه السلام لا طمعاً لأجرته . رُوي أنه لمَّا دخل عليه أتى أولاً بالطعام ، فامتنع موسى عليه السلام وقال : نحن من أهل بيت لا نبيع بالدنيا ، قال شعيب عليه السلام : هذا من عادتنا مع كل من ينزل بنا ، وإن من أتى بمعروف ، وأهدي له لم يحرم أخذه وأكله في جميع الأديان . { فَلَمَّا جَآءَهُ } أي : جاء موسى شعيباً - عليهما السلام - وتبرك بشرف صحبته لاح عليه حاله { وَقَصَّ عَلَيْهِ ٱلْقَصَصَ } الذي جرى عليه من أوله إلى آخره ، وسمع منه الشيخ على التفصيل { قَالَ لاَ تَخَفْ } بعد اليوم { نَجَوْتَ مِنَ ٱلْقَوْمِ ٱلظَّالِمِينَ } [ القصص : 25 ] يعني : فرعون وملأه . وبعدما جلس موسى عند شعيب - عليهما السلام - وقصَّ عليه ما جرى من الخوف والحزن وأنواع الكآبة { قَالَتْ إِحْدَاهُمَا } أي : إحدى الابنتين ، وهي التي استدعته للضيافة : { يٰأَبَتِ ٱسْتَئْجِرْهُ } لرعي الغنم ، وأنت تريد الأجير { إِنَّ خَيْرَ } جميع { مَنِ ٱسْتَئْجَرْتَ } من الرجال هو ؛ لأنه { ٱلْقَوِيُّ } أي : شديد القوة { ٱلأَمِينُ } [ القصص : 26 ] ذو الأمانة والديانة . قال لها أبوها حمية وغيرة : من أين عرفت قوته وأمانته ؟ فذكرت لأبيها إقلال الحجر العظيم وحده من رأس البئر مع أن الناس يقلونه في جمع كثير ، فهذا دليل قوته ، وأما أمانته فإني بعدما دعوته قام ومشى قدامي ، وأمرني بالمشي خلفه ، صيانةً عن النظر إلي ، فقال لي : دليني عن الطريق إن ضللت ، وهذا دليل أمانته وصيانته حدود الله . ولمَّا سمع شعيب عليه السلام من ابنته ما سمع من أمارات أمانته ومروءته رغب إلى ألفته ومؤانسته ؛ حيث { قَالَ } شعيب لموسى عليه السلام { إِنِّيۤ } بعدما وجدتك شاباً صالحاً ، سوياً ذا رشد وأمانة { أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ٱبْنَتَيَّ هَاتَيْنِ } على صداق معين { عَلَىٰ أَن تَأْجُرَنِي } نفسك برعي الغنم { ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْراً } كاملاً { فَمِنْ عِندِكَ } تبرعاً وإحساناً { وَمَآ أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ } بأن أحملك أزيد من ذلك { سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ } [ القصص : 27 ] للخدمة والمصاحبة ، والمؤاخاة والموافاة في أداء الحقوق والعهود . { قَالَ } موسى مجيباً له ، راغباً لقبول ما ألقاء من الكلام : { ذَلِكَ } الوقت الذي عينته ملزماً عليَّ أولاً { بَيْنِي وَبَيْنَكَ } معهود ثابت ، والذي قلته ثانياً تبرعاً مني ، وبالجملة : { أَيَّمَا ٱلأَجَلَيْنِ } يعني : أجل الالتزام ، وأجل التبرع { قَضَيْتُ } يقع المعهود بلا تردد { فَلاَ عُدْوَانَ } ولا تعدي { عَلَيَّ } بعد انقضاء كل واحد من الأجلين { وَٱللَّهُ } الشهيد المطلع لعموم أحوال عباده { عَلَىٰ مَا نَقُولُ } من المشارطة والمعادة { وَكِيلٌ } [ القصص : 28 ] حفيظ يحفظه على وجهها .