Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 28, Ayat: 64-70)
Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَقِيلَ } حينئذٍ من قِبَل الحق للمشركين : { ٱدْعُواْ شُرَكَآءَكُمْ } الذين تطمعون وتدعون شفاعتهم لكم { فَدَعَوْهُمْ } صائحين متضرعين { فَلَمْ يَسْتَجِيبُواْ لَهُمْ } من كمال عجزهم وحيرتهم في أمر أنفسهم { وَ } بعدما { رَأَوُاْ ٱلْعَذَابَ } النازل على أربابهم قالوا متمنين على سبيل التلهف والتحسر : { لَوْ أَنَّهُمْ كَانُواْ يَهْتَدُونَ } [ القصص : 64 ] في النشأة الأولى لينقذوا أنفسهم من العذاب اليوم ، فكيف : إنقاذهم بنا ؟ ! . { وَ } بعدما سأل سبحانه عن شركهم سألهم عن تكذيب رسله ، اذكر لهم يا أكمل الرسل { يَوْمَ يُنَادِيهِمْ } الحق { فَيَقُولُ } سبحانه معاتباً إياهم : { مَاذَآ أَجَبْتُمُ ٱلْمُرْسَلِينَ } [ القصص : 65 ] حين دعوتكم إلى الإيمان والتوحيد ، والعمل الصالح والاجتناب عن المحظورات وترك المنكرات { فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ ٱلأَنبَـآءُ يَوْمَئِذٍ } يعني : ضلوا وتحيروا عن جميع طرق الكلام ، وسُدت عليهم سبل الأجوبة والإخبار مطلقاً ؛ وذلك من كمال دهشتهم وحيرتهم ، وشدة عمههم وسكرتهم { فَهُمْ } يومئذٍ من غاية ولههم وحيرتهم { لاَ يَتَسَآءَلُونَ } [ القصص : 66 ] ولا تقاولون ؛ أي : لا يسأل بعضهم بعضاً حتى يعلمه ، بل كلهم حينئذٍ حيارى سكارى ، تائهين هائمين ، لا يُسمع لهم ولا يتأتى منهم الالتفات والتلقي أصلاً . { فَأَمَّا مَن تَابَ } عمَّا جرى عليه من المعاصي { وَآمَنَ } بالله على مقتضى ما أمرهم الحق بلسان رسله وأنبيائه { وَعَمِلَ } عملاً { صَالِحاً } امتثالاً لما نطق به الكتب والرسل { فَعَسَىٰ أَن يَكُونَ } هذا السعيد { مِنَ ٱلْمُفْلِحِينَ } [ القصص : 67 ] الفائزين بالمثوبة العظمى والدرجة العليا عند الله ، ومن المبشرين من عنده بشرف اللقاء ، والوصول إلى دار البقاء . { وَرَبُّكَ } يا أكمل الرسل { مَا يَشَآءُ } ويُظهر بمقتضى تجلياته الحبية الجمالية جميع { يَخْلُقُ } من المظاهر { وَيَخْتَارُ } منها ما يختار ، فالكل مجبور تحت قدرته ومشيئته { مَا كَانَ } أي : ما صح وثبت { لَهُمُ ٱلْخِيَرَةُ } أي : التخير والاختيار ؛ حتى يريدوا لأنفسهم ما هو الأصلح لهم ، بل جميع شئونهم وأمورهم مفوضة إلى الله أولاً وبالذات ، وهم مقهورون مجبورون تحت حكمه وقضائه ، وكيف لا يكونوا مجبورين ؛ إذ هم من عكوس أسمائه وظلال أوصافه ، ما لهم وجود في أنفسهم ، وتحقق في ذواتهم ؟ ! { سُبْحَانَ ٱللَّهِ } المنزه عن المثل والشبيه { وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ } [ القصص : 68 ] من الشريك والنظير . { وَرَبُّكَ } يا أكمل الرسل { يَعْلَمُ } بعلمه الحضوري { مَا تُكِنُّ } وتخفي { صُدُورُهُمْ } أي : ضمائرهم وقلوبهم { وَمَا يُعْلِنُونَ } [ القصص : 69 ] بجوارحهم وآلاتهم . { وَ } كيف يخفى عليه شيء ؛ إذ { هُوَ ٱللَّهُ } الواجب لذاته ، المستقل في وجوده وظهوره على عروش عموم مظاهره ومصنوعاته بالاستقلال التام والاستيلاء الكامل { لاۤ إِلَـٰهَ } في الوجود سواه ، ولا عالم لما ظهر وبطن { إِلاَّ هُوَ } لذلك ثبت { لَهُ ٱلْحَمْدُ } والثناء من ألسنة ذرائر الأكوان ، وجميع من رش عليه من رشحات جوده ولمعات وجوده { فِي ٱلأُولَىٰ وَٱلآخِرَةِ } من نشأتي الظهور والخفاء ، والبروز والكمون ، والقبض والبسط { وَلَهُ ٱلْحُكْمُ } والأمر في الصعود والهبوط ، والنزول والعروج ، وجميع الشئون والتطورات { وَ } بالجملة : { إِلَيْهِ } لا إلى غيره ؛ إذ لا غير في الوجود { تُرْجَعُونَ } [ القصص : 70 ] وتُحشرون ، كما أن منه تُبدؤون وتُنشؤون ؟ ! .