Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 29, Ayat: 19-23)
Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ أَوَلَمْ يَرَوْاْ } إلى كمال قدرته ومتانة حكمه وحكمته { كَيْفَ يُبْدِئُ } أي : يظهر ويبدع { ٱللَّهُ } القادر المقتدر { ٱلْخَلْقَ } أي : جميع المخلوقات والموجودات من كتم العدم بلا سبق مادة ومدة { ثُمَّ يُعِيدُهُ } ويعدمه كما برأه وأظهره على مقتضى النشأتين نزولاً وعروجاً ، هبوطاً وصعوداً ، ظهوراً وبطوناً ، مداً وقبضاً ، نشراً وطياً ، لطفاً وقهراً ، جمالاً وجلالاً { إِنَّ ذٰلِكَ } التبديل والتحويل { عَلَى ٱللَّهِ } المتجلي في الأكوان في كل آن في شأن { يَسِيرٌ } [ العنكبوت : 19 ] إذ لا يعرضه العسر والفتور ، ولا يلحقه العجز والقصور ولا يبرمه مر الدهور وكر الشهور . وإن أنكروا لك ولم يقبلوا منك تنويرك الذي جئت به { قُلْ } لهم يا أكمل الحلم والخلة : { سِيرُواْ فِي ٱلأَرْضِ } سير معتبر خبير { فَٱنظُرُواْ } بنظر الاعتبار والاستبصار { كَيْفَ بَدَأَ } وأظهر { ٱلْخَلْقَ } في أقطار الآفاق ونشرهم فيها وبسطهم عليها بامتداد أظلال أسمائه وصفاته { ثُمَّ ٱللَّهُ } القادر المقتدر على كل ما أراد وشاء بالاختيار والاستقلال { يُنشِىءُ ٱلنَّشْأَةَ ٱلآخِرَةَ } المقابلة لنشأة الظهور والإبداع ، وهي نشأة الكمون والإخفاء والفناء والإفناء ، بأن قبض سبحانه بمقتضى قهره وجلاله جميع ما امتد من أضلال ، وطوى نحوه ما نشر من آثار الأوصاف والأسماء { إِنَّ ٱللَّهَ } المتردي برداء العظمة والكبرياء { عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ } من مقدرواته ومراداته { قَدِيرٌ } [ العنكبوت : 20 ] لا تنتهي قدرته عند مقدورٍ ، بل له أن يتصرف فيه كيف شاء ومتى أراد أزلاً وأبداً . ومن كمال قدرته ومقتضى حكمته ومشيئته : { يُعَذِّبُ } من عباده { مَن يَشَآءُ } لا ملجأ لهم دونه ولا مرجع لهم سواه ؛ إذ { وَيَرْحَمُ مَن يَشَآءُ } برحمته الواسعة أيضاً كذلك على مقتضى لطفه وجماله { وَ } لا ملجأ لهم دونه ولا مرجع لهم ؛ إذ { إِلَيْهِ } لا إلى غيره ؛ إذ لا غير في الوجود معه { تُقْلَبُونَ } [ العنكبوت : 21 ] انقلاب الزبد هواء والأمواج ماء . { وَ } إذا ثبت أن منقلبكم إليه ومرجعكم نحوه ، فعليكم الإطاعة والإيمان بالله وبوحدانيته طوعاً بلا تذبذب وتلعثم ؛ إذ { مَآ أَنتُمْ بِمُعْجِزِينَ } على إدراككم وأخذكم { فِي ٱلأَرْضِ } لو تحصنتم فيها { وَلاَ فِي ٱلسَّمَآءِ } لو تدليتهم إليها ؛ إذ الكل في قبضته وقدرته وتحت تصرفه ، لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء { وَ } بالجملة : { مَا لَكُمْ مِّن دُونِ ٱللَّهِ } المعيد المبدئ ، المحيي المميت { مِن وَلِيٍّ } يولي أموركم بالاستقلال ويتصرف فيكم بالإرادة والاختيار { وَلاَ نَصِيرٍ } [ العنكبوت : 22 ] ينصركم على أعدائكم ويدفع ضررهم عنكم . ثم قال سبحانه ؛ حثاً لهم إلى الإيمان وترغيباً لهم إلى التوحيد والعرفان : { وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِآيَاتِ ٱللَّهِ } الدالة على عظمة ذاته وكما أسمائه وصفاته { وَلِقَآئِهِ } أي : أنكروا بلقائه الموعود لأرباب الكشف والشهود { أُوْلَـٰئِكَ } البعداء المطرودون عن ساحة عز القبول هم الذين { يَئِسُواْ } وقنطوا { مِن رَّحْمَتِي } مع سعتها ووفورها { وَأُوْلَـٰئِكَ } المردودون في تيه الغفلة والضلال { لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } [ العنكبوت : 23 ] في النشأة الأولى والأخرى ، لا يرجرى نجاتهم وخلاصهم أصلاً .