Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 29, Ayat: 24-26)

Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وبعدما بلغ الخليل - صلوات الرحمن وسلام عليه - في الدعوة والإرشاد ، وأيده بأنواع المواعظ والتذكيرات والرموز و الإشارات ، ونبذ من الوعيدات والإنذارات رجاء أن يتنبهوا منها ويتفطنوا به اعلى ما هو الحق { فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ } بعد استماعهم مقالاه تفصيلاً { إِلاَّ أَن قَالُواْ } متفقين مجتمعين : { ٱقْتُلُوهُ } حداً ، فإنه قد أعرض عن دينكم وانصرف عن آلهتكم وشفعاءكم { أَوْ حَرِّقُوهُ } فإنه جدير بالإحراق ؛ لعظم جرمه وكبر ذنبه ، وبعدما اتفقوا على حرقه أو قدوا ناراً عظيمة بحيث لا يمكن التقرب إليها إلا بمسافة بعيدة ، فوضعوه في المنجنيق ، فرموه بها إليها { فَأَنْجَاهُ ٱللَّهُ } الرقيب المطلع على إخلاص عباده وأخلصه { مِنَ } حرق { ٱلنَّارِ } وجعلها له برداً وسلاماً { إِنَّ فِي ذٰلِكَ } الإنجاء والإنقاذ مع أن طبع النار الإحراق والإفناء { لآيَاتٍ } عظام ودلائل جسام على كمال قدرة الله وحوله وقوته { لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } [ العنكبوت : 24 ] بوحدة ذاته وكمال أسمائه وصفاته ؛ لأ ، هم هم المنتفعون بأمثال هذه الشواهد والبراهين . وبعدما أنجاه الله منها { وَ } أيس من إيمان قومه { قَالَ } لهم موبخاً عليهم وموعداً لهم بوحي الله وإلهامه : { إِنَّمَا ٱتَّخَذْتُمْ } وأخذتم { مِّن دُونِ ٱللَّهِ } المتوحد بالألوهية والربوبية { أَوْثَاناً } آلهة : لتكونوا أسباباً لكم توجب { مَّوَدَّةَ بَيْنِكُمْ } وتوقع المحبة والمؤاخاة بين أظهركم { فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا } بأن تجتمعوا عندها وتعتكفوا حولها ، وتتقربوا إليها بالهدايا والقرابين { ثُمَّ } اعلموا أيها الضالون المنهمكون في بحر الغفلة والضلال والجهل بالله وبقدره وقدر حوله وقوته { يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ } المعدة للعرض والجزاء وحساب ماصدر عنكم في دار الابتلاء { يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ } يعني : يقع التناكر والتخاصم بينكم ، فيكفر بعضكم ببعض { وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضاً } أي : كل منكم ومن معبودكم يتلاعنون ويتخاصمون حال كونكم متبرئين كل منكم عن صحابه تابعاً ومتبوعاً ، عابداً ومعبوداً { وَ } بالجملة : { مَأْوَاكُمُ } ومرجعكم إليها أنتم وآلهتكم جميعاً ، خالدون فيها لا نجاة لكم منها بأعمالكم وأفعالكم { ٱلنَّارُ وَمَا لَكُمْ مِّن نَّاصِرِينَ } [ العنكبوت : 25 ] ليشفعوا لكم وينقذوكم منها بشفاعتهم . وبعدما أنجى سبحانه خليله - صلوات الرحمن عليه وسلامه - من النار ، وخرج منها سالماً سوياً بلا لحوق ضرر { فَآمَنَ لَهُ } ابن أخيه { لُوطٌ } وهو أول من آمن به وأنكره غيره ، ونسبوه إلى السحر والشعبذة وأنواع الخرافات { وَ } لما أيس الخليل عن إيمانهم { قَالَ } للوط وزوجته سارة ابنة عمه : { إِنِّي } بعدما أيست عن إيمان هؤلاء الجهلة الضالين ، ونجوت عن مكائدهم { مُهَاجِرٌ } مبعد منهم { إِلَىٰ } أرضٍ أمرني { رَبِّيۤ } للهجرة إليها ، وأوحاني أن أذهب نحوها ، فعليَّ أن امتثل لأمره وأمضي على موجب حكمه { إِنَّهُ } سبحانه في ذاته وأسمائه وأفعاله { هُوَ ٱلْعَزِيزُ } الغالب القادر على جميع ما جرى عليه مشيئته وقضاءه { ٱلْحَكِيمُ } [ العنكبوت : 26 ] المتقن في جميع ما صدر عنه إرادة واختياراً .