Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 3, Ayat: 104-108)

Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَ } بعدما وفقتم للإيمان ، ونبهتم للتوحيد والعرفان { لْتَكُن مِّنْكُمْ أُمَّةٌ } ملتزمة للإرشاد والتكميل { يَدْعُونَ } الناس { إِلَى ٱلْخَيْرِ } أي : إلى التوحيد وإسقاط الإضافات { وَيَأْمُرُونَ بِٱلْمَعْرُوفِ } المستحسن في طريق التوحيد { وَيَنْهَوْنَ عَنِ ٱلْمُنْكَرِ } المستقبح فيه ، المناسع عن الوصول إليه { وَأُوْلَـٰئِكَ } الراشدون ، المهديون ، المرشدون ، الهادون { هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ } [ آل عمران : 104 ] الفائزون من عنده بالمثوبة العظمى ، والدرجة العليا التي هي طريق مقام الجمعية والرضا . { وَلاَ تَكُونُواْ } أيها المحمديون المتحققون بمقام الجمعية { كَٱلَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَٱخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَآءَهُمُ ٱلْبَيِّنَاتُ } الدالة على الجمعية والاتفاق ، ولم ينتبهوا منها إلى التوحيد الذاتي { وَأُوْلَـٰئِكَ } الأشقياء الهاكلون في تيه الخذلان والحرمان { لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ } [ آل عمران : 105 ] في جهنم البعد والإمكان وسعير الشرك والطغيان . اذكر لهم يا أكمل الرسل : { يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ } بقبول النور من الوجه الباقي { وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ } ببقائها في سواد الإمكان { فَأَمَّا ٱلَّذِينَ ٱسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ } ولم يرتفع غشاوة هوايتهم ، وكثافة ماهياتهم عن أعينهم وأبصارهم ، ولم تصف مرآت قلوبهم عن صداء الكثرة وشوب التنويه لذلك قيل تقريعاً وتوبيخاً : { أَكْفَرْتُمْ } أيها الهالكون في بقعة الإمكان من { بَعْدَ إِيمَانِكُمْ } بوجوب الوجود ، ووجوب الرجوع إليه { فَذُوقُواْ ٱلْعَذَابَ } أي : الطرد والحرمان { بِمَا } أي : بأنانيتكم { كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ } [ آل عمران : 106 ] وتسترونن ، وتستبلدون به نور الوجود وصفاء التوحيد الخالص عن الكدورات مطلقاً . { وَأَمَّا ٱلَّذِينَ ٱبْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ } عن دنس التعليقات ورين الإضافات ، واضمحلت هوياتهم في هوية الحق ، وارتفعت الحجب والأستار المانعة عن الوصول إلى دار القرار عن عيون بصائرهم وأبصارهم { فَفِي رَحْمَةِ ٱللَّهِ } التي وسعت كل شيء ، مستغرقون في بحر توحيده ، غائصون ، سابحون لا يخرجون منها أبداً { هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } [ آل عمران : 107 ] دائمون ، مستمرون ما شاء الله ، لا حول ولا قوة إلا بالله . { تِلْكَ } المواعيد والوعيدات المذكورة للأولياء والأعداء { آيَاتُ ٱللَّهِ } الدالة على كمال قدرته وتفرده في ألوهيته ، واستقلاله في ربوبيته { نَتْلُوهَا عَلَيْكَ } يا أكمل الرسل ؛ تفضلاً وامتناناً ملتبساً { بِٱلْحَقِّ } لا شك في وقوعها { وَمَا ٱللَّهُ } الممنتقم في يوم الميعاد { يُرِيدُ ظُلْماً لِّلْعَالَمِينَ } [ آل عمران : 108 ] بل يجازيهم على مقتضى ما صدر عنهم في النشأة الأولى ، إن خيراً فخير وإن شراً فشر ، فمن يعمل مثقال ذرة خيراً فيها يره فيها ، ومن يعمل مثقال ذرة شراً فيها يره فيها .