Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 3, Ayat: 130-134)

Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

ثم خاطب سبحانه المؤمنين ، منادياً لهم بما يتعلق برسوخهم في طريق التوحيد من الخصائل الجميلة والشيم المرضية ، فقال : { يَٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } بالله ورسوله ، مقتضى إيمانكم { لاَ تَأْكُلُواْ ٱلرِّبَٰواْ } سيما إذا كان { أَضْعَٰفاً مُّضَٰعَفَةً } بحيث يستغرق مال المديون مجاناً { وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ } المنتقم الغيور ، ولا تجاوزوا عن حدوده { لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } [ آل عمران : 130 ] توفوزون بامتثال مأموراته ومرضياته . { وَٱتَّقُواْ } أيها المؤمنون { ٱلنَّارَ ٱلَّتِيۤ أُعِدَّتْ } هُيئت { لِلْكَافِرِينَ } [ آل عمران : 131 ] أصالة وللمقتفين إثرهم ؛ تبعاً ، ويعلمون معاملتهم ؛ استنكاراً واستكباراً . { وَ } إن أردتم الفلاح { أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَٱلرَّسُولَ } المبيِّن لكم طريق أطاعة الله { لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ } [ آل عمران : 132 ] من عند الله ، إن أخلصتم في انقايدكم وطاعاتكم . { وَ } لا تتكئوا ، ولا تتكلوا إلى طاعاتكم وعبادتكم ، ولا تزنوها عند الله ، بل { سَارِعُوۤاْ } بادروا وواظبوا { إِلَىٰ } طلب { مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ } ستر ومحو لهوياتكم { وَ } وصول { جَنَّةٍ } منزل ومقر { عَرْضُهَا ٱلسَّمَٰوَٰتُ } أي : الأسماء الصفات الإلهية القائمة بذات الله { وَٱلأَرْضُ } أي : طبيعة العدم القابل لانعكاس أشعة تلك الأسماء والصفات ، إنما { أُعِدَّتْ } وهُيئت { لِلْمُتَّقِينَ } [ آل عمران : 133 ] من أهل التوحيد ، وهم الذين يرفعون غشاوة الغيرية وغطاء التعامي عن نور الوجود مطلقاً . لذلك هم : { ٱلَّذِينَ يُنفِقُونَ } من طيبات ما سكبوا من رزق صوري ومعنوي للمستخقين من أهل الله ، سواء كانوا { فِي السَّرَّآءِ } أي : حين الفراغة عن الشواغل العائقة عن التوجه الحقيقي { وَٱلضَّرَّآءِ } عند عروض العوارض اللاحقة عن لوازم البشر { وَٱلْكَاظِمِينَ ٱلْغَيْظَ } أي : الماسكين ، الكافين غيظهم عند ثوران القوة الغضبية ، وهيجان الحمية البشرية الناشئة عن مقتيضات القوى الحيوانية { وَٱلْعَافِينَ عَنِ ٱلنَّاسِ } الذين يعفون ويتركون عقوبة من يسوءهم ويظلمهم ؛ لتحققهم في مقر التوحيد المسقط للإضافات والاختلافات مطلقاً { وَٱللَّهُ } المطلع لسرائر عباده { يُحِبُّ ٱلْمُحْسِنِينَ } [ آل عمران : 134 ] منهم بجميع أنواع الإحسان ، خصوصاً بكظم الغيظ والعفو عند القدرة . وعن النبي صلى الله عليه وسلم : " إن هؤلاء في أمتي قليل إلا من عصمه الله ، وقد كانوا كثيراً في الأمم التي مضت " .