Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 3, Ayat: 144-146)

Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَ } اعلموا أيها المسترشدون { مَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ } من الرسل ، هادٍ لكم إلى التوحيد الذاتي ينبهكم على طريقه { قَدْ خَلَتْ } مضت { مِن قَبْلِهِ } أي : قبل ظهوره { ٱلرُّسُلُ } الهادين إليه مثله ، المنبهين لطريقه في ضمن توحيد الصفات والأفعال ، وما لهم وله إلا التبليغ والتنبيه ، فعليكم أن تتنبهوا وتتحقوا بمقام التحقيق واليقين ، معرضين عن التقليد والتخمين ، أتؤمنون به وتسترشدون منه أيها المريدون حال حياته ؟ . { أَفإِنْ مَّاتَ أَوْ قُتِلَ ٱنْقَلَبْتُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ } غير واصلين إلى فضاء التوحيد { وَمَن يَنقَلِبْ } منكم { عَلَىٰ عَقِبَيْهِ } بلا وصول إلى الغاية { فَلَن يَضُرَّ ٱللَّهَ شَيْئاً } بنقصان أو زيادة ؛ إذ و مستوٍ على عرضه كما كان ، بلا تبديل ولا تغيير ، بل ما يضر إلا نفسه بعدم إيصالها إلى غياتها الممكن لها ، وبذلك حط عن رتبة الشاكرين { وَ } اعلموا أيها المؤمنون { سَيَجْزِي ٱللَّهُ } بلطفه بالجزاء الجميل والإحسان الجزيل { ٱلشَّاكِرِينَ } [ آل عمران : 144 ] منكم ، الصادقين جميع القوى والجوارح إلى ما خلق لأجله الصابرين على ما أصابهم في سبيله ، الباذلين مهجهم في إعلاء كلمة توحيده ، الراجين منه الوصول إلى زلال تجريده وتفريده . { وَ } اعلموا أيها المؤمنون بقضاء الله وقدره { مَا كَانَ لِنَفْسٍ } من النفوس الخيرة والشريرة { أَنْ تَمُوتَ } بقتل أو حتف أنفه { إِلاَّ بِإِذْنِ ٱللهِ } بتقديره ومشيئته ، الثابت المثبت في قضائه ، السابق له { كِتَٰباً } جامعاً بجميع ما يجري عليه في عالم الشهادة ، حياته وموته ورزقه { مُّؤَجَّلاً } بوقت معين لا يتأخر عنه ولا يتقدم { وَمَن يُرِدْ } منكم { ثَوَابَ ٱلدُّنْيَا } التي هي أدنى مرتبة الإنسان ، وأنزل منزلته من المفاخرة بالمال والجاه والحسب والنسب { نُؤْتِهِ } نعطه { مِنْهَا } مقدار ما يقدر لنا في سابق علمنا ، ونحاسبه عليها في يوم الجزاء في النشأة الأخرى . { وَمَن يُرِدْ } منكم { ثَوَابَ ٱلآخِرَةِ } من الحقائق والمعارف والمواهب العلية التي هي المقصد الأقصى ، والمطلب الأعلى من وجوده { نُؤْتِهِ مِنْهَا } مقدار ما يقتضي استعداده الفطري { وَ } اعلموا أيها المؤمنون { سَنَجْزِي } بفضلنا وجودنا بلا وساطة ووسائل { ٱلشَّٰكِرِينَ } [ آل عمران : 145 ] المنسلخين عن الإرادة ، بل عن جميع الأمور المرادة ، الراضين بما قسم لهم ، وقدر عليهم في سابق علمنا بروضة الرضا وجنة التسليم . { وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ } يجاهد في سبيل الله ؛ لترويج توحيده { قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ } ربانيون مخلصون { كَثِيرٌ } منهم قتلوا وأصيبوا { فَمَا وَهَنُواْ } وما جبنوا { لِمَآ أَصَابَهُمْ } من القرْح { فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ } لإعلاء دينه { وَمَا ضَعُفُواْ } من محاربة أعداء الله { وَمَا ٱسْتَكَانُواْ } وتضرعوا إليهم ؛ استبقاءً واستخلافاً ، بل كانوا كرَّارين جرَّارين ، بحيث لا يرى عليهم أمارات الجبن والخوف أصلاً ، صابرين على ما أصابهم من القرْح والجرح ، وقتل الأقارب والعشائر { وَٱللَّهُ } الهادي لعباده إلى توحيده { يُحِبُّ ٱلصَّابِرِينَ } [ آل عمران : 146 ] منهم في البلوى ، والطائرين شوقاً إلى المولى ، الراضين بما يحب له ويرضى .