Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 3, Ayat: 147-150)

Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَ } من غاية تصبرهم وتمكنمهم على الجهاد في سبيل الله { مَا كَانَ قَوْلَهُمْ } عند عروض المكروهات والمصيبات فيه { إِلاَّ أَن قَالُواْ } مستغفرين ، مسترجعين إلى الله ، خائفين من ضعف الأخلاص في امتثال أوامره : { ربَّنَا } يا من ربانا في مضيق الإمكان بأنواع اللطف والإحسان { ٱغْفِرْ لَنَا } بفضلك { ذُنُوبَنَا } خواطرنا التي خطرت في نفوسنا من خوف أعدائك بعدما أمرتنا إلى مقاتلتهم . { وَ } اغفر لنا أيضاً يا ربنا : { إِسْرَافَنَا فِيۤ أَمْرِنَا } أي : ميلنا وتجاوزنا إلى طرفي الإفراد والتفريط عن حدودك التي وضعت لنا في الغزو الجهاد { وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا } على جادتك التي وضعت له في علمك { و } بعد ثبوتنا بتثبيتك { ٱنْصُرْنَا } بحولك وقوتك { عَلَى ٱلْقَوْمِ ٱلْكَافِرِينَ } [ آل عمران : 147 ] الساترين نور الوجود بأباطيل هوياتهم وماهياتهم ، المائلين عن طريق التوحيد بمتابعة عقولهم المموهة بشياطين الأوهام الباطلة . وبعدما أخلصوا لله ، واستغفروا لذنوبهم ، والتجأوا لحوله وقوته { فَآتَاهُمُ ٱللَّهُ } مجازياً لهم ؛ تفضلاً وامتناناً { ثَوَابَ ٱلدُّنْيَا } من النصر والغنيمة ، والفوز بالفتح ، والظفر على الأعداء ، والسيادة والرئاسة على الأولياء على أحيائهم { وَحُسْنَ ثَوَابِ ٱلآخِرَةِ } من المشاهدة والرضا والمكاشفة ، واللقاء على شهدائهم الذين قتلوا في سبي الله ، مشتشوقين إلى الفناء فيه ؛ ليتحققوا ببقائه { وَلاَ تَحْسَبَنَّ ٱلَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ } [ آل عمران : 169 ] عن الآية ، { وَٱللَّهُ } الهادي لعباده إلى فضله في معاده { يُحِبُّ ٱلْمُحْسِنِينَ } [ آل عمران : 148 ] منهم ، ويرضى عنهم ، خصوصاً الذين أحسنوا في سبيل الله ببذل المهج وأعطاء الروح . ربنا اجعلنا من خدامهم وتراب أقدامهم . ثم لمَّا أراد سبحانه تثبيت المؤمنين على قواعد الإسلام ، ورسوخهم على مقتضى شعار الدين والإيمان ، حذرهم عن إطاعة الكفار ومخالطتهم ، والاستعانة منهم ، والاستكانة إليهم ، فقال منادياً لهم : { يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِن تُطِيعُواْ } وتنقادوا وتستنصورا من { ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } بتوحيد الله عناداً ، وأعرضوا عن كتبه ورسله ؛ استكباراً { يَرُدُّوكُمْ } إلبتة بعد إهدائكم إلى الإيمان { عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ } التي أنتم فيها من الكفر والطغيان قبل انكشافكم بالإيمان ، وإن انقلبتم { فَتَنقَلِبُواْ خَاسِرِينَ } [ آل عمران : 149 ] خسراناً عظيماً ، فعليكم أن تتركوا موالاتهم وموافاتهم . { بَلِ } يكفي { ٱللَّهُ } المدبر لأموركم { مَوْلاَكُمْ } يولي أموركم ، ويعينكم عليهم متى اضطررتم { وَ } اعلموا أيها المضطرون في الوقائع { هُوَ خَيْرُ ٱلنَّاصِرِينَ } [ آل عمران : 150 ] فاستنصروا منهم وتوكلوا عليه ، وما النصر إلا من ندن الله العزيز العليم .