Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 3, Ayat: 14-18)

Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ زُيِّنَ } حبب وحسن { لِلنَّاسِ } المغرورين بزخرفة الدنيا { حُبُّ ٱلشَّهَوَاتِ } أي : مشتهياتها المنحصرة أصولها في هذه المذكورات { مِنَ ٱلنِّسَاءِ } اللاتي هن لمن اشتهاها ؛ إذ هو للوقاع الذي هو من ألذ الملذات النفسانية { وَٱلْبَنِينَ } للمظاهرة والمفاخرة والغلبة على الخصوم { وَٱلْقَنَاطِيرِ } الأموال الكثيرة { ٱلْمُقَنْطَرَةِ } المجتمعة المزخرفة { مِنَ ٱلذَّهَبِ وَٱلْفِضَّةِ } لكونها وسائل إلى المشتهيات التي مالت القلوب إليها بالطبع { وَٱلْخَيْلِ ٱلْمُسَوَّمَةِ } المعلمة المنسوبة إليهم ليركبوها ويبطروا عليها { وَٱلأَنْعَامِ } من الإبل والبقر والغنم ليحملوها ، ويأكلوا منها ويزرعوا بها { وَٱلْحَرْثِ } ليقتاتوا بها ويعيشوا بأكملها { ذٰلِكَ } الأصول المذكورة { مَتَاعُ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا } الفانية المانعة من الوصول إلى الجنة ، الماوى التي هي دار القرار والخلود ، وموعد لقاء الخلاق الودود { وَٱللَّهُ } الهادي إلى سبيل الصواب { عِنْدَهُ } لمن توجه نحوه واستقبل جنابه { حُسْنُ ٱلْمَآبِ } [ آل عمران : 14 ] وخير المنقلب والمئاب . { قُلْ } يا أكمل الرسل للمؤمنين ، للمخلصين في عبادة الله ، الراغبين إلى جزيل عطائه ، الطائرين إلى فضاء فنائه ، الطالبين الوصول إلى شرف لقائه ، الفانين في الله ؛ ليفوزوا بشرف بقائه تحريكاً لهم سلسة الشوق والمحبة { أَؤُنَبِّئُكُمْ } أيها الحيارى في صحارى الإمكان ، الموثقون بقيود الأكوان ، المحبوسون في مضيق الجدران بسلاسل الزمان والمكان { بِخَيْرٍ } مراتب { مِّن ذٰلِكُمْ } الذي ملتم إليها واشتهيتم إلى نيلها في هذه النشأة ، حاصل واصل إليكم في النشأة الأخرى { لِلَّذِينَ ٱتَّقَوْا } منكم عن محارم الله وتوجهوا إلى الله في الدنيا ، ولم يرتكبوا ما نهاهم الله على ألسنة رسله { عِندَ رَبِّهِمْ } الذي رباهم بتوفيقه على ترك المحظورات واجتناب المكروهات { جَنَّاتٌ } معراف وحقائق { تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا } أنهار الكشوف والشهود { وَأَزْوَاجٌ } أعمال وحالات { مُّطَهَّرَةٌ } خالصة عن كدر الرعونة والرياء خالية عن الميل إلى البدع والأهواء { وَ } مع ذلك لهم { رِضْوَانٌ } عظيم { مِّنَ ٱللَّهِ } ليحققهم في مقام العبودية والرضاء بما جرى عليهم من القضاء ، بحيث لا ينسبون شيئاً من الحوادث إلى الأسباب والوسائق ، بل لا يرون الوسائط في البين أصلاً { وَٱللَّهُ } الهادي للكل { بَصِيرٌ بِٱلْعِبَادِ } [ آل عمران : 15 ] الراضين بقضائه ، المرضيين بإنفاذه وإمضائه ؛ يعني : { ٱلَّذِينَ يَقُولُونَ } بألسنتهم موافقاً لما في قلوبهم عند مناجاتهم مع ربهم { رَبَّنَآ إِنَّنَآ آمَنَّا } بمقتضى توفيقك بوحدانيتك وبكتبك ورسلك { فَٱغْفِرْ لَنَا } بلطفك { ذُنُوبَنَا } التي صدرت عنا من أنانيتنا واستر عيوبنا التي كنا عليها قل انكشافنا بتوحيدك { وَقِنَا } بلطفك ، واحفظنا بفضلك { عَذَابَ ٱلنَّارِ } [ آل عمران : 16 ] المعد لأصحاب البعد الخذلان عن ساحة عز حضورك ، واجعلنا بفضلك من : { ٱلصَّابِرِينَ } على عموم ما أصابهم من البأساء والضرءا في طريق توحيدك { وَٱلصَّادِقِينَ } عن الكذب مطلقاً في أقوالهم المعتبرة ، المعربة عن أفئدتهم المطمئنة بالإيمان { وَٱلْقَانِتِينَ } الخاضعين الخاشعين إليك بظواهرهم وبواطنهم { وَٱلْمُنْفِقِينَ } من طيبات ما رزقت لهم ؛ طلباً لمرضاتك بلا شوب المنة والأذى { وَٱلْمُسْتَغْفِرِينَ } لك الخائفين من سخطك وجلالك ، الراجين العفو من عموم أوقاتهم خصوصاً { بِٱلأَسْحَارِ } [ آل عمران : 17 ] الخالية عن جميع الموانع العائقة عن التوجه إلى جنابك الشاهدين بوحدانيتك بما : { شَهِدَ ٱللَّهُ } به لذاته ، وهو { أَنَّهُ لاَ إِلَـٰهَ } أي : لا موجود ولا وجود ولا كون ولا تحقق ولا كائن ولا ثابت { إِلاَّ هُوَ } الحي الحقيق بالحقية ، الوحيد بالقيومية ، الفريد بالديمومية ، لا شيء سواه { وَ } بما شهد بوحدته { ٱلْمَلاَئِكَةُ } أي : الأسماء والصفات القائمة بالذات الأحدية ؛ إذ الكل قائم به ثابت له لا مرجع لها سواه { وَ } بما شهد به { أُوْلُواْ ٱلْعِلْمِ } من مظاهر المخلوقات على صورته المتأثرة من أوصافه وأسمائه ، وإن كانت شهادة كل منها راجعة إلى شهادته ؛ لكون الكل { قَآئِمَاً } مقوماً متحققاً { بِٱلْقِسْطِ } أي : العدل الإلهي المنبسط على ظواهر الكائنات أزلاً وأبداً ؛ إذ { لاَ إِلَـٰهَ } أي : لا مظهر لها { إِلاَّ هُوَ ٱلْعَزِيزُ } الغالب القادر على إظهارها { ٱلْحَكِيمُ } [ آل عمران : 18 ] المتقن في تربيتها وتدبيرها ، القائلين طوعاً ورغبة بعدما تحققوا بمقام العبودية :