Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 3, Ayat: 155-157)
Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ إِنَّ ٱلَّذِينَ تَوَلَّوْاْ } استدبروا وتخلفوا { مِنكُمْ } أيها المؤمنون ؛ ترهيباً وجبناً ، بلا كفر ونفاق { يَوْمَ } وقت { ٱلْتَقَى ٱلْجَمْعَانِ } الصفَّان للقتال { إِنَّمَا ٱسْتَزَلَّهُمُ ٱلشَّيْطَانُ } وأزال قدمهم عن التثبت والتفرد { بِبَعْضِ مَا كَسَبُواْ } بشؤم بعض ما كسبوا ، بتسويلات نفوسهم التي هي من جنود الشيطان { وَ } بعدما ندموا واستغفروا ، وأخلصوا الرجوع إلى الله { لَقَدْ عَفَا ٱللَّهُ عَنْهُمْ } بلطفه { إِنَّ ٱللَّهَ } العفو عن ذنوب عباده { غَفُورٌ } ستَّار لهم ما صدر عنهم الآثام { حَلِيمٌ } [ آل عمران : 155 ] لا يعجل بالبطس والانتقام ؛ ليتوبوا ويرجعوا . { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } عليكم أن تحافظوا على مقتضى الإيمان والتوحيد ، ولا تنسبوا الحوادث إلى غير الله ، بل تفوضوا جميعاً إلى الله أصاله حتى { لاَ تَكُونُواْ } أيها المؤمنون { كَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } بالله بانتساب الحوادث إلى الأسباب أولاً وبالذات { وَقَالُواْ لإِخْوَانِهِمْ } الذين ماتوا في حقهم { إِذَا ضَرَبُواْ } سافروا { فِي ٱلأَرْضِ } للتجارة والسياحة { أَوْ } قتلوا ، أو { كَانُواْ غُزًّى } غازين في سبيل الله ، طالبين رتبة الشهادة : { لَّوْ كَانُواْ } هؤلاء الميتين والمقتولين متوكلين ، متمكنين { عِنْدَنَا مَا مَاتُواْ } في الغربة { وَمَا قُتِلُواْ } في يد العدو ، معتقدين أن وما أصابهم ، إنما أصابهم من الغزو والغربة لا من الله ، وإنما أخطرهم سبحانه بهذا الرأي ، وأقوالهم بهذا القول { لِيَجْعَلَ ٱللَّهُ } المنتقم منهم في النشأة الأولى والأخرى { ذٰلِكَ } الحزن والأسف { حَسْرَةً } مستمكنة { فِي قُلُوبِهِمْ } وتمرضهم وتضعفهم بها في الدنيا ، وتعذبهم في الآخرة { وَٱللَّهُ } القادر المقتدر ، المستقل في الإحياء والإماتة { يُحْيِـي } بلطفه { وَيُمِيتُ } يقهره بلا مظاهرة ولا مشاركة { وَٱللَّهُ } المطلع لسرائر عباده { بِمَا تَعْمَلُونَ } أيها المؤمنون { بَصِيرٌ } [ آل عمران : 156 ] ناقد خبير ، يميز ويصفي إخلاصكم من الرعونة والرياء ، وأعمالكم من الميل إلى البدع والأهواء . { وَ } الله أيها المؤمنون المتوجهون إلى الله ، الطالبون الوصول إلى زلال توحيده { لَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ } طالبين لرضاه { أَوْ مُتُّمْ } قبل موتكم ، سالكين ، سيَّاحين في طريق الفناء فيه { لَمَغْفِرَةٌ } سترة ساترة لأنانيتكم ، ناشئة { مِّنَ } ضرب { ٱللَّهِ } لكم إلى توحيده الذاتي { وَرَحْمَةٌ } فائضة منه ، مفنية لهوياتكم بالمرة في هويته { خَيْرٌ } لكم { مِّمَّا يَجْمَعُونَ } [ آل عمران : 157 ] وتدخرون أنتم لأنفسكم بهوياتكم الباطلة ، وإن كنتم خيرين فيها .