Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 3, Ayat: 26-28)

Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ قُلِ } يا أيها المتحقق بمقام الشهود الذاتي ، المكاشف بوحدة الحق دعاء صادراً من لسان مرتبتك الجامعة الشاملة لجميع المراتب { ٱللَّهُمَّ } يا { مَالِكَ ٱلْمُلْكِ } أي : المتصرف المستقبل في مظاهر ذاتك { تُؤْتِي } تعطي وتكشف بلطفك { ٱلْمُلْكَ } أي : التوحيد الذاتي { مَن تَشَآءُ } من خواص مظاهر صفاتك وأسمائك { وَتَنزِعُ } تمنع وتستر بقهرك { ٱلْمُلْكَ } المذكور { مِمَّنْ تَشَآءُ } من عوامهم ؛ تتميماً لمقتضيات أوصاف جمالك وجلالك { وَتُعِزُّ مَن تَشَآءُ } بالوصول إلى فضاء فنائك { وَتُذِلُّ مَن تَشَآءُ } وراء حجاب سرادقات جلالك ، وبالجملة : { بِيَدِكَ } وقدرتك وسلطانك ومشيئتك وإرادتك { ٱلْخَيْرُ } أي : كله الوجود ، وظهوره على أنحاء شتى { إِنَّكَ } بذاتك { عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ } من مظاهر وجودك { قَدِيرٌ } [ آل عمران : 26 ] لا تنتهي قدراتك أصلاً . ومن جملة مقدوراتك : إنك { تُولِجُ } تدخل وتدرج { ٱللَّيْلَ } أي : العدم { فِي } صورة { ٱلْنَّهَارِ } أي : الوجود إظهاراً لقدرتك وجمالك { وَتُولِجُ } أيضاً { ٱلنَّهَارَ } نور الوجود { فِي ٱلْلَّيْلِ } أي : مشكاة العدم ؛ إظهاراً لقدرتك وجلالك { وَتُخْرِجُ } تظهر { ٱلْحَيَّ } والحق الحقيق مع غاية صفائها وظهورها { مِنَ ٱلْمَيِّتِ } العدم الأصلي الذي هو مرآة التعينات { وَ } أيضاً { تُخْرِجُ ٱلَمَيِّتَ } أي : العدم الجامد الذي ما شم رائحة الحياة أصلاً بامتداد أضلال أسمائك وصفاتك عليه { مِنَ ٱلْحَيِّ } الذي لا يموت أبداً وهو ذاتك { وَتَرْزُقُ } بلطفك { مَن تَشَآءُ } من مظاهرك من موائد فضلك وإنعامك ونوال جودك وإحسانك { بِغَيْرِ حِسَابٍ } [ آل عمران : 27 ] تفضلاً لهم وامتناناً عليهم بلا مظاهرة أحد . هب لنا بلطفك من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب . ثم لما بين سبحانه أن الهداية إلى طريق التوحيد والإضلال عنه بقدرته واختياره ، يؤتي ملك توحيده من يشأ من عباده ويمنعه عمن يشاء ، أراد أن ينبه على خلص توحيد عباده ما يقربهم إلى الهداية ويبعدهم عن الضلا فقال تحذيراً لهم : { لاَّ يَتَّخِذِ ٱلْمُؤْمِنُونَ } المتوجهون نحو توحيد الذات ، الطالبون إفناء ذواتهم في ذات الله ، لخوضوا في لجج بحر التوحيد ، ويفوزوا بدرر المعارف والحقائق الكامنة فيها { ٱلْكَافِرِينَ } الساترين بهوياتهم الكثيفة المظلة نور الوجود { أَوْلِيَآءَ } ولا يصاحبون معهم ، ولا يجالسون موالاة لهم ومؤخاة معهم لقرابة طينية وصداقة جاهلية ، مع كوهم خالين معهم { مِن دُونِ } حضور { ٱلْمُؤْمِنِينَ } الماظهرين لهم ؛ لئلا يسري كفرهم ونفاقهم إليهم ؛ إذ الطبائع تسرق والأمراض تسري ، سيما الكفر و الفسوق ؛ إذ الطبائع مائلة إليها { وَمَن يَفْعَلْ ذٰلِكَ } ولم يترك مصاحبتهم ولا موالاتهم { فَلَيْسَ مِنَ } ولاية { ٱللَّهِ } وطريق توحيده { فِي شَيْءٍ } بل ملحق بهم معدود من عداوتهم بل أسوءهم حالاً وأشدهم جرماً عند الله بعدما نهاهم الله ولم ينتهوا { إِلاَّ أَن تَتَّقُواْ مِنْهُمْ } وتخافوا { تُقَـٰةً } توجب الموالات المصاحبة ضرورة من إتلاف النفس المال والعرض ، وعند ذلك المحذور موالاتهم جائزة ومؤاختهم معذورة مداهنة ومداراة { وَ } مع وجود تلك الضرورة المستلزمة للموالاة الضرورةي { يُحَذِّرُكُمُ ٱللَّهُ نَفْسَهُ } أي : يحذركم يا أهل العزائم عن نفسه على وجه المبالغة ، حتى لا تأمنوا عن سخطه ولا تغفلوا عن غضبه ، ولا تميلوا عنه سبحانه بارتكاب ما نهيتم عنه { وَ } اعلموا أن المحذورات كلها راجعة { إِلَىٰ ٱللَّهِ } إيجاداً وإظهاراً ؛ إذ إليه { ٱلْمَصِيرُ } [ آل عمران : 28 ] في الخير والشر والنفع والضر ، لا مرجع سواه ولا منتهى إلا إياه .