Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 3, Ayat: 29-32)

Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ قُلْ } لهم يا أكمل الرسل تذكيراً وعظة وتنبيهاً على ما في فطرتهم الجبلية : { إِن تُخْفُواْ مَا فِي صُدُورِكُمْ } من محبة أقاربكم { أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ ٱللَّهُ } المحيط بظواهركم وبواطنكم { وَيَعْلَمُ } أيضاً بعلمه الحضوري جميع { مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ } من الكائنات والفاسدات أزلاً وأبداً { وَمَا فِي ٱلأَرْضِ } منها لا يغيب عن علمه مما لمع عليه نور وجوده { وَٱللَّهُ } المتجلي لذاته بذاته { عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ } من مظاهر تجلياته { قَدِيرٌ } [ آل عمران : 29 ] بلا فتور وقصورن ، يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد ، يجازيهم على مقتضى علمه وقدرته في النشأة الأخرى . { يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ } خيرة { مَّا عَمِلَتْ } في النشأة الأولى { مِنْ خَيْرٍ } إحسان وإنعام وعمل صالح ويقين وعرفان { مُّحْضَراً } بين يديه يستحضره ويود استعجاله { وَ } كذا تجد كل نفس شديدة { مَا عَمِلَتْ } فيها { مِن سُوۤءٍ } غير صالح وكفر ونفاق وشرك وشقاق محضراً بين يديه ، مشاهداً بين عينيه تستأخره وتتمنى بعده { تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدَاً بَعِيداً } وزماناً متطاولاً ، بل يتمنى ألاَّ تلقاه أصلاً { وَيُحَذِّرُكُمُ ٱللَّهُ } بهذا التذكير والتنبيه { نَفْسَهُ } وقدرته على الانتقام وزيادة قهره وغضبه على من استكبر عن أوامره ونواهيه { وَٱللَّهُ } القادر المقتدر على انتقام العصاة { رَؤُوفٌ } عطوف مشفق { بِٱلْعِبَادِ } [ آل عمران : 30 ] الذين يترصدون إلى الله بين طرفي الخوف والرجاء ، معرضين عن جانبي القنوط والطمع . { قُلْ } أيها المخلوق على صورتنا ، المجبول على مقتضيات جميع أوصافنا وأسمائنا ، المتخلق بجميع أخلاقنا ، لمن أراد إرشادهم وتبلغهم من البرايا { إِن كُنتُمْ } أيها الأضلال المنهمكون في بحر الغفلة والضلال { تُحِبُّونَ ٱللَّهَ } أي : تدعون محبة الله المظهر لكم من العدم ، وتطلبون التوجه إلى جنابه والترب نحو بابه { فَٱتَّبِعُونِي } بأمره وحكمه { يُحْبِبْكُمُ ٱللَّهُ } أي : يقربكم إلى جنابه ، ويوصلكم إلى ضرف لقائه { وَيَغْفِرْ } يستر ، ويضمحل { لَكُمْ } عن أبصاركم وبصائركم { ذُنُوبَكُمْ } التي حجبتم بها عن مشاهدة جمال الله وجلاله ، ومعاينة أسمائه وصفاته { وَٱللَّهُ } الهادي لكم إلى صراط توحيده { غَفُورٌ } لكم يرفع موانع وصولكم { رَّحِيمٌ } [ آل عمران : 31 ] لكم يوصلكم إلى مطلوبكم . { قُلْ } لهم أيضاً أجل أعمالكم وأفضالها إطاعة أمر الله وإتباع رسوله المرسل إليكم { أَطِيعُواْ ٱللَّهَ } في امتثال جميع أوامره وأحكامه ، واجتناب جميع نواهيه ومحظوراته مما فاز به المؤمنون { وَ } أطيعوا { ٱلرَّسُولَ } المبلغ لكم كتاب الله ، المبين لكم المراد منه ، فإن أطاعوا فازوا مما فاز به المؤمنون { فإِن تَوَلَّوْاْ } أعرضوا عن إطاة الله ورسوله ، فقد كفروا فلهم ما سيجري عليهم من عذاب الله وغضبه في النشأة الأخرى { فَإِنَّ ٱللَّهَ } الهادي لعباده { لاَ يُحِبُّ ٱلْكَافِرِينَ } [ آل عمران : 32 ] منهم لا يقربهم ولا يرضى عنهم ، بل يعذبهم ويبعد9م عن عز حضورهم .