Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 3, Ayat: 67-71)

Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

ثم قال سبحانه : { مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيّاً } لأن موسى إنما جاء بعده بألف سنة { وَلاَ نَصْرَانِيّاً } لأن عيسى عليه السلام إنما جاء بعده بألفي سنة { وَلَكِن كَانَ حَنِيفاً } مائلاً عن إفراط اليهود والنصارى في عزير وعيسى وتفريطهم في إنكار سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم { مُّسْلِماً } منقاداً معتدلاً ، مستوياً على صراط التوحيد { وَمَا كَانَ مِنَ ٱلْمُشْرِكِينَ } [ آل عمران : 67 ] الضالين عن طريق الحق بنسبة الحوادث إلى الأسباب والوسائل . { إِنَّ أَوْلَى ٱلنَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ } وأقربهم ديناً ، وأولاهم محبة ومودة { لَلَّذِينَ ٱتَّبَعُوهُ } من أمته ، وتدينوا بدينه ، وامتثلوا بما جاء به من عند ربه { وَهَـٰذَا ٱلنَّبِيُّ } المبعوث من شيعته ، المنتسب إلى ملته ، المنشعب من أهل بيته وزمرته { وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ } بهذا النبي ، وبما جاء به من الكتاب الناسخ للكتب السافلة ، المبين لطريق التوحيد الذاتي { وَٱللَّهُ } الهادي لعباده إلى جادة توحيده { وَلِيُّ ٱلْمُؤْمِنِينَ } [ آل عمران : 68 ] الموحدين الذين يريدون وجه الله في جميع حالاتهم ، يولي أمور دينهم بحيث لا يشغلهمه عن التوجيه إليه مزخفات الدنيا الشاغلة عن المولى . { وَدَّت طَّآئِفَةٌ مِّنْ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ } لخباثة نفوسهم وبغضهم المرتكز في قلوبهم ؛ حسداً لظهور دين الإسلام { لَوْ يُضِلُّونَكُمْ } أي : يضلونكم ويحرفونكم عن جادة الشريعة وسبيل الإيمان والتوحيد ، نزلت في اليهود لما دعوا حُذيفة وعماراً ومعاذاً إلى اليهودية { وَ } الحال أنهم { مَا يُضِلُّونَ } بهذا الضلال { إِلاَّ أَنْفُسَهُمْ } لتضعيف العذاب عليهم بسبب هذا الإضلال { وَ } هم { مَا يَشْعُرُونَ } [ آل عمران : 69 ] بهذا الضرر والنكال . { يٰأَهْلَ ٱلْكِتَابِ } المدعين الإيمان بموسى وعيسى - عليهما السلام - والتصديق بكتابهما { لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ ٱللَّهِ } المنزلة فيهما الناطقة على بعثة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم { وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ } [ آل عمران : 70 ] فيهما أوصافه ونعوته ، وتنتظرون إلى ظهوره وبعثته ، وبعدما ظهر وبُعث ، لِمَ أنكرتم عليه عناداً ، وكفرتم استكباراً ؟ ومع ذلك غيرتم وحرفتم كتابكم ظلماً وزوراً . { يٰأَهْلَ ٱلْكِتَابِ } المحرفين لكتاب الله { لِمَ تَلْبِسُونَ ٱلْحَقَّ } الظاهر البيِّن المكشوف المنزل من عند الله { بِٱلْبَاطِلِ } المموه المزخرف المفترى من عند أنفسكم { وَتَكْتُمُونَ ٱلْحَقَّ } الذي هو بعثة سيدنا محمد عليه السلام { وَ } الحال أنكم { أَنْتُمْ تَعْلَمُونَ } [ آل عمران : 71 ] حقيته في نفوسكم ولا تظهرونه ؛ حسداً وبغياً .