Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 3, Ayat: 72-74)
Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَ } من غاية حسدهم ونهاية بغضهم أنهم احتالوا واستخدعوا لإضلال المسلمين حيث { قَالَتْ طَّآئِفَةٌ مِّنْ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ } لأصحابه وجلسائه على وجه الحيل والمخادعة : { آمِنُواْ } استهزاءً و تسفيهاً { بِٱلَّذِيۤ } يدعون أنه { أُنْزِلَ } عليه موافقة { عَلَى ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } به { وَجْهَ ٱلنَّهَارِ } أي : أول بدو النهار ؛ ليفرحوا ويسروا بموافقتكم إياه { وَٱكْفُرُوۤاْ آخِرَهُ } أي : اتركوه وأنكروا عليه في آخر النهار ، معللين بأنا لم نجد محمداً على الوصف الذي ذكر في كتابنا ؛ ليترددوا ويضطربوا بمخالفتكم ، افعلوا كذلك دائماً { لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ } [ آل عمران : 72 ] رجاء أن يرجعوا عن دينهم وإيمانهم . { وَلاَ تُؤْمِنُوۤاْ } أي : لا تخلصوا عن صميم القلب ، ولا تظهروا تصديقكم { إِلاَّ لِمَن تَبِعَ دِينَكُمْ } من إخوانكم وأصحابكم المتدينين بدين آبائكم وأسلافكم { قُلْ } لهم يا أكمل الرسل رداً لمخادعتهم ودفعاً لحيلتهم كلاماً ناشئاً عن محض الحكمة : { إِنَّ ٱلْهُدَىٰ } الموصل إلى سواء السبيل { هُدَى ٱللَّهِ } الهادي لعباده ، يهدي من يشاء إلى طريق توحيده ، ويُضِّل عنه من يشاء ، وإنما دبرتم وخادعتم { أَن يُؤْتَىۤ } أي : لأنْ يؤتى { أَحَدٌ مِّثْلَ مَآ أُوتِيتُمْ } من الكفر والإنكار بمحمد صلى الله عليه وسلم { أَوْ يُحَآجُّوكُمْ } أي : يغلبوكم بهذا الخداع والتدبير { عِندَ رَبِّكُمْ } على زعمكم الفاسد واعتقادكم الباطل { قُلْ } يا أكمل الرسل : لا تغتروا بمزخرفات عقولكم ، ولا تطمئنوا بمقتضياتها ؛ إذ هو صار عن المعرفة خصوصاً عند تزاحم الوهم ، بل { إِنَّ ٱلْفَضْلَ } والهداية { بِيَدِ ٱللَّهِ } بقدرته ومشيئته { يُؤْتِيهِ مَن يَشَآءُ } بلا معاينة العقل ونصرته { وَٱللَّهُ } الهادي لعباده { وَاسِعٌ } في فضله وهدايته ، لا حصر لطريق إلهامه وعلمه { عَلِيمٌ } [ آل عمران : 73 ] باستعدادات عباده ، يوصل كلاً منهم إلى توحيده بطريق يناسب استعداده . بل { يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ } الواسعة الشاملة لجميع الفضائل والكمالات { مَن يَشَآءُ } من خلَّص عباده ، تفضلاً عليه من عنده من استعداداتهم ما لا يدرك غوره ، ولا يكتنه طوره { وَاللَّهُ } المتجلي بجميع الكمالات { ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ } [ آل عمران : 74 ] واللطف الجسيم على بعض مظاهره من الأنبياء والأولياء الذين فنيت هوياتهم البشرية بالكلية في بحر الوحدة ، وتجردوا عن جلبابها بالمرة .