Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 3, Ayat: 75-77)
Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَ } من تفاوت الاستعدادات ، واختلاف القابليات الفطرية ترى { مِنْ أَهْلِ ٱلْكِتَٰبِ مَنْ إِن تَأْمَنْهُ } ثقة عليه واعتماداً له { بِقِنْطَارٍ } مال كثير مفضل مخرون { يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ } على الوجه الذي ائتمنت عليه بلا تغيير وخيانة ؛ لصفاء فطرته وحسن استعداده وقابليته { وَمِنْهُمْ مَّنْ إِن تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ } أو أقل { لاَّ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ } لخباثة طينته وقبح قابليته { إِلاَّ مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَآئِماً } دائماً مطالباً أمانتك منه على وجه الإلحاح والإتمام ، نزلت في عبد الله بن سلام حين استودعه قريشي ألفاً ومائتي أوقية ذهباً ، فأداه إليه ، وفنخاص بن عاذوراء استودعه أيضاً قريشي آخر ديناراً ، أنكر عليه وجحد ، مع اتفاقهما في الكفر والضلال ، وأنهماكهما في الإصرار والفساد . { ذٰلِكَ } أي : ترك البعض اليهودي { بِأَنَّهُمْ } بسبب أنهم استحلوا مال من ليس على دينهم { قَالُواْ لَيْسَ } في كتابنا المنزل { عَلَيْنَا } من ربنا { فِي } حق { ٱلأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ } أي : طريق معاتبة ومؤاخذة ؛ لأنهم ليسوا من أهل الكتاب { وَ } هم بهذا القول { يَقُولُونَ } ويفترون { عَلَى اللَّهِ ٱلْكَذِبَ } لأنه ليس في كتابهم هذا الباطل بل يفترونه عناداً { وَهُمْ } أيضاً { يَعْلَمُونَ } [ آل عمران : 75 ] أنه افتراء منهم ، وعن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال عند نزول هذه الآية : " كذب أعداء الله ، ما من شيء في الجاهلية إلا هو تحت قدمي إلا الأمانة فإنها مؤداة إلى البر والفاجر " . { بَلَىٰ } للحق سبيل معاتبة وانتقام معهم في حق كل واحد من عباده على أي دين كان وملة كانت إذا صدر عنهم التعدي إلا { مَنْ أَوْفَىٰ } منهم { بِعَهْدِهِ } الذي عهد مع الله ومع عباده { وَاتَّقَى } من غضب الله بعدم الفواء ، فهو من المحبوبين عند الله { فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ } [ آل عمران : 76 ] ويرضى عنهم ، يوفيهم أجورهم ، ويزيدهم من فضله . ثم قال سبحانه : { إِنَّ ٱلَّذِينَ يَشْتَرُونَ } يستبدلون { بِعَهْدِ ٱللَّهِ } الذين عهدوا مع رسوله { وَأَيْمَانِهِمْ } المغلظة الصادرة منهم على وفائه ، كقولهم : والله ، ليؤمنن به ولينصرنه { ثَمَناً قَلِيلاً } من متاع الدنيا ، مثل أخذ الرشاوى وإبقاء الرئاسة { أُوْلَـٰئِكَ } المستبدلون الخاسرون هم الذين { لاَ خَلاَقَ } لا نصيب ولا حظ { لَهُمْ فِي } النشأة { ٱلآخِرَةِ } التي هي دار الوصول والقرار { وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ ٱللَّهُ } تكليمه من استخلفه عن مقتضيات جميع أسمائه الحسنى وصفاته العليا { وَلاَ يَنظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ } بنظر الرحمة حتى ينعكس بروق أنواع الوحدة الذاتية المتلأئمة المشعشعة من عالم العماء التي هي السواد الأعظم المشار إليه في الحديث النبوي - صلوات الله على قائله - على مرائي قلوبهم { وَلاَ يُزَكِّيهِمْ } ولا يثني عليهم ولا يلتفت إليهم حين ثنائه . والتفاته على خلَّص عباده المستصقلين مرايا قلوبهم عن صداء الالتفات إلى الغير مطلقاً ؛ لينعكس فيها أشعة التجليات الجمالية والجلالية اللطفية والقهرية ، حتى تعتدلوا وتستقيموا على الصراط المستقيم الذي هو صراط توحيد الله { وَلَهُمْ } في تلك الحالة { عَذَابٌ } طرد وخذلان { أَلِيمٌ } [ آل عمران : 77 ] مؤلم لا إيلام أعظم منه ؛ إذ حرمان الوصول إلى غاية ما يترتب على الوجود والحصول من أشد المؤلمات والمؤذيات . نعوذ بالله من غضب الله ، لا حول إلا بالله .