Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 3, Ayat: 93-95)

Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

ثم لما ادعى اليهود أن ما حرم في ديننا كان حراماً في دين إبراهيم أيضاً ، وأنتم أيها المدعون موافقة دينكم وملتكم دين إبراهيم وملته ، لم تحلون ما حرم في دينه ؟ رد الله عليهم وكذبهم بقوله : { كُلُّ ٱلطَّعَامِ } الذي به يقتات الإنسان ويتغذى { كَانَ حِـلاًّ } حلالاً { لِّبَنِيۤ إِسْرَائِيلَ } إذ الأصل في الأشياء الحل ما لم يرد الشرع بتحريمه { إِلاَّ مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ } وهو يعقوب عليه السلام { عَلَىٰ نَفْسِهِ } على سبيل النذر بلا ورود الوحي ؛ إذ كان له عرق النسا ، فنذر إن شفي لم يأكل ما هو أحب الطعام عنده واللذة ، وهو لين الإبل ولحمه فشفي ، ولم يأكل بعده منها ذلك { مِن قَبْلِ أَن تُنَزَّلَ ٱلتَّوْرَاةُ } ثم لما ظهر أنواع الخبائث والقبائح من اليهود ، وحرم الله عليهم في التوراة طيبات أحلت لهم قبلها بسبب خباثتهم وكثافتهم ، فإن أنكروا عليها وقالوا : لسنا أول ما حرم عليه هذه الآشياء المحرمة فيها ، بل حرم لمن قبلنا ونحن نقتدي بهم { قُلْ } لهم إلزاماً : { فَأْتُواْ بِٱلتَّوْرَاةِ فَٱتْلُوهَا } على رءوس الأشهاد { إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } [ آل عمران : 93 ] في دعواكم ، وإلا فقد افتريتم على كتاب الله ما ليس فيه . { فَمَنِ ٱفْتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ ٱلْكَذِبَ مِن بَعْدِ } ظهور { ذَلِكَ } الديليل والبرهان { فَأُوْلَـٰئِكَ } المفترون المنهمكون في العتو والعناد { هُمُ ٱلظَّالِمُونَ } [ آل عمران : 94 ] الخارجون عن مسالك التوحيد ، المتمردون عن ربقة الإيمان . { قُلْ } لهم يا أكمل الرسل إمحاضاً للنصح : { صَدَقَ ٱللَّهُ } المطلع لجميع ما كان ويكون ألاَّ حرمة لهذا الأشياء في دين إبراهيم عليه السلام ، بل أول من حرم عليهم أنتم أيها اليهود ؛ وإن أردتم استحلالها { فَٱتَّبِعُواْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ } التي هي الإسلام المنزل على خير الأنام ؛ لأنه كان { حَنِيفاً } طاهراً عن الخبائث والرذائل المؤدية إلى تحريم الطيبات ؛ إذ هو على صراط التوحيد وجادة الاعتدال ، بعيد عن طرفي الإفراط والتفريط المؤديان إلى الشرك { وَمَا كَانَ مِنَ ٱلْمُشْرِكِينَ } [ آل عمران : 95 ] أصلاً لصفاء فطرته ونجابة طينته .