Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 32, Ayat: 1-5)
Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ الۤـمۤ } [ السجدة : 1 ] أيها الإنسان الأكمل الأعلم للوازم أنوار الوجود اللائح على صفحات وجود الأكوان بمقتضى الجود ، الملاحظ المطالع لها بتوفيق الله الملك الودود . { تَنزِيلُ ٱلْكِتَابِ } الجامع لما في الكتب السالفة ، المبيِّن لأحكام دين الإسلام ، المنزل عليك يا أكمل الرسل ؛ لتأييدك وتوريح دينك { لاَ رَيْبَ فِيهِ } إنه نازل من الله الجامع لجميع الأسماء والصفات ، كما أن مرتبتك جامعة لجميع مراتب أهل العلم ، وأنت مبعوث إلى كافة الأمم ؛ ولذا صا كتابك نازلاً { مِن رَّبِّ ٱلْعَالَمِينَ } [ السجدة : 2 ] يشكُّون ويترددون في نزوله من عنده سبحانه أولئك الطاعنون الضالون . { أَمْ يَقُولُونَ ٱفْتَرَاهُ } واختلقه من تلقاء نفسه ، ونسبه إلى الله افتراءً ومراءً ، تغريراً وتلبيساً ، لا تحزن يا أكمل الرسل عليهم ، ولا تلتفت إلى قولهم هذا { بَلْ هُوَ ٱلْحَقُّ } الثابت المحقق ، المثبت نزوله { مِن رَّبِّكَ } الذي رباك بأنواع الكرم ، واصطفاك من بين البرايا لرسالته العامة ، أنزله إليه مشتملاً على الإنذارات الشديدة ، والتخويفات البليغة { لِتُنذِرَ } بوعيداته { قَوْماً } انقطع عنهم آثار النبوة والرسالة ؛ لبعد العهد أو { مَّآ أَتَاهُم } بعد عيسى - صلوات الله عليه وسلامه - { مِّن نَّذِيرٍ } أنذرهم عن الباطل وأرشدهم إلى طريق الحق { مِّن قَبْلِكَ } بل هم على فترة من ارسل فارسلك إليهم { لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ } [ السجدة : 3 ] بهدايتك وإرشادك إلى توحيد الحق ، واتصافه بأوصاف الكمال . وكيف لا يوحدون ولا يؤمنون بتوحيده وأسمائه وصفاته { ٱللَّهُ } وأوجد بقدرته الكاملة { ٱلسَّمَٰوَٰتِ } أي : العلويات { وَٱلأَرْضَ } أي : السفليات { وَمَا بَيْنَهُمَا } أي : الممتزجات { فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ } وساعات منبسطة في الأقطار والجهات الست { ثُمَّ } الواحد الأحد ، الفرد الصمد { ٱلَّذِي خَلَقَ } بعدما تم التمهيد والبسط { ٱسْتَوَىٰ } واستولى ، وتمكن سبحانه { عَلَى ٱلْعَرْشِ } أي : انبسط على عروش عموم ما ظهر وبطن من الآفاق والأنفس بالاستقلال التام ، والتصرف العام على صرافة وحدته الذاتية بلا شائبة شركة وطرق كثرة ؛ لذلك { مَا لَكُمْ } أيها الأظلال المنعكسة من شمس ذاته { مِّن دُونِهِ } سبحانه { مِن وَلِيٍّ } يولي أموركم ويتصرف فيكم { وَلاَ شَفِيعٍ } ينصركم ، ويعاون عليكم سواه سبحانه { أَ } تشكَّون وتترددون في توحيده وولايته سبحانه أيها المنهمكون في الغفلة والضلال { فَلاَ تَتَذَكَّرُونَ } [ السجدة : 4 ] وتتعظون بمواعظه وتذكيراته مع أنه كررها مراراً . وكيف لا هو الذي { يُدَبِّرُ ٱلأَمْرَ } أي : عالم الأمر المنبئ عن الإيجاد والإظهار بإنزال الملائكة الذين هم مظاهر أوصافه وأسمائه { مِنَ ٱلسَّمَآءِ } أي : سماء الأسماء المتعالية عن الأقطار والجهات مطلقاً { إِلَى ٱلأَرْضِ } أي : الطبيعة القابلة لقبول آثارها ، وإنما أنزلهم وأهبطهم إليها ؛ ليعد حسب حكمته المظاهر والمصنوعات ؛ لقبول آثارها ، وإنما أنزلهم وأهبطهم إليها ؛ ليعد حسب حكمته المظاهر والمصنوعات ؛ لقبول فيضان سلطان توحيده { ثُمَّ } بعدما تم على الوجه الأبدع ، والنظام الأتم الأبلغ { يَعْرُجُ } ويصعد { إِلَيْهِ } سبحانه ما يترتب على عالم الأمر من المعارف والحقائق ، والأسرار الكامنة في سريان الوحدة الذاتية بعد انقراض النشأة الأولى { فِي يَوْمٍ } معد لعروجه وصعوده { كَانَ مِقْدَارُهُ } أي : مقدار ذلك اليوم في الطول والامتداد { أَلْفَ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ } [ السجدة : 5 ] في هذه النشأة من الأيام والأعوام .