Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 33, Ayat: 1-4)
Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ يَٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ } المؤيَّد من عند العليم الحكيم مقتضى نبوتك التي صرت بها خاتماً لدائرة النبوة والرسالة ، متمماً لمكارم الأخلاق ، مكملاً لأمر التشريع والتدوين : التقوى والتحفظ من مقتضيات الأراء الباطلة ، والأهواء الفاسدة ، والتحصن بالله والثقة إليه ، وجعله وقايتك عند نزول البلاء وهجوم الأعداء { ٱتَّقِ ٱللَّهَ } حق تقاته ، واجتنب عما لا يرضى به ربك مطلقاً { وَلاَ تُطِعِ } في حال من الأحوال أمر { ٱلْكَافِرِينَ وَٱلْمُنَافِقِينَ } الذين خاصموا معك في إسرارهم وإعلانهم ، ولا تتبع أهواءهم الفاسدة وآراءهم الباطلة ، وابتغ فيما آتاك الله من مقتضيات استعدادك ، وما تفضل عليك امتناناً لك ؛ لرضاء الله والفوز بشرف لقاء الله { إِنَّ ٱللَّهَ } المصلح لأحوال عباده { كَانَ عَلِيماً } في حضرةة علمه الحضوري بقابليتك وبمقتضياتها { حَكِيماً } [ الأحزاب : 1 ] في إفاضة ما يعينك وينبغي لك ، ويليق بشأنك . { وَ } بعدما جعلت ربك وقاية نفسك ، واتخذته وكيلاً لشأنك وأمرك { ٱتَّبِعْ مَا يُوحَىٰ إِلَـيْكَ مِن رَبِّكَ } تأييداً لك ، وتدبيراً لأمورك وأحوالك ، ولا تلتفت إلى هذيانات من عاداك ، ولا تبال بمكرهم وحيلهم { إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ } الرقيب عليك وعليهم { بِمَا تَعْمَلُونَ } من المخائل الفاسدة ، والتلبيسات الباطلة المتعلقة لمقتك وهلاكك { خَبِيراً } [ الأحزاب : 2 ] يكفيك مؤنة شرورهم ومكرهم ، ويغلبك عليهم ويظهر دينك على الأديان كلها . { وَتَوَكَّلْ عَلَىٰ ٱللَّهِ } أيها المتحصن بكنف حفظه وجواره ، وثق بكرمه ولطفه { وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ } أي : كفى بالله المراقب عليك في جميع أحوالك { وَكِيلاً } [ الأحزاب : 3 ] لك يراقبك ويحفظظ من شرور من قصد مقتك ، وهجومهم عليك ، ومكرهم معك ، وكن في نفسك متوجهاً إلى ربك ، مخلصاً فيه ، مائلاً بوجه قلبك إلى قبلة وجهه الكريم ، ولا تفلتفت إلى من سواه ولا تُخطر ببالك غيره ؛ إذ لا يسع في القلب الواحد إلا همٌّ واحد . ولهذه الحكمة العليَّة { مَّا جَعَلَ } وخلق { ٱللَّهُ } العليم الحكيم ، المتقن في أفعاله { لِرَجُلٍ } واحد { مِّن قَلْبَيْنِ } مشعرين مدركين { فِي جَوْفِهِ } حتى لا يتفتت ميله ، ولا يتعدد قبلة مقصده ومرماه ، وإن خلق له عينين وأذنين ويدين وغيرهما { وَ } كذا { مَا جَعَلَ } الله العليم الحكيم { أَزْوَاجَكُمُ ٱللاَّئِي تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ } وتقولون لهن : أنت عليَّ كظهر أمي { أُمَّهَاتِكُمْ } حقيقة ؛ ليترتب عليها أحكام الأمهات من التحريم ، وعدم القربان والفراش معها وغيرها { وَمَا جَعَلَ } أيضاً { أَدْعِيَآءَكُمْ } أي : الأجانب الذين تدعونهم أبناءً من إفراط المحبة والمودة { أَبْنَآءَكُمْ } حقيقةً ؛ حتى يترتب عليهم أحكام الأبناء من الميراث والمحرمية ، وحرمة زوجتهم وابنتهم وغير ذلك من الأحكام . { ذَٰلِكُمْ } أي : الأمور الثلاثة المذكورة { قَوْلُكُم } أي : مجرد قول صدر عن ألسنتكم وتكلمتكم { بِأَفْوَاهِكُمْ } لا حقيقة لها سوى الاشتهار { وَٱللَّهُ } المدبر لأموركم ، المصلح لأحوالكم { يَقُولُ ٱلْحَقَّ } أي : الحكم الثابت المتحقق عنده سبحانه ، المترتب عليه أحكامه إرشاداً لكم ، وإصلاحاً لحالكم { وَ } كيف لا { هُوَ } بمقتضى ألوهيته وربوبيته { يَهْدِي ٱلسَّبِيلَ } [ الأحزاب : 4 ] السوي والصراط المستقيم إلى عباده الذين انحرفوا عن سبل السلامة ، وطرق الاستقامة في الوقائع والأحكام .