Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 33, Ayat: 51-52)
Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
ثمَّ لمَّا وسّعنا يا أكمل الرسل أمر نكاحك ، وأبحنا لك ما لم يبح لغيرك ، فلك الخيار في أزواجك { تُرْجِي } أي : تؤخر وتترك مضاجعة { مَن تَشَآءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِيۤ } أي : تلصق وتضم { إِلَيْكَ مَن تَشَآءُ } منهم بلا حرج وضيق ، بل { وَمَنِ ٱبْتَغَيْتَ } وطلبت نكاحها { مِمَّنْ عَزَلْتَ } وطلقت تطليقاً ثلاثاً أو أقل { فَلاَ جُنَاحَ } ولا إثم { عَلَيْكَ } أن تعيد إلى نكاحها بلا تحليل وتزويج للغير ؛ إذ من جملة خواصك : تحريم مدخولتك على الغير مطلقاً { ذَلِكَ } أي : تفويض أمورهن إليك { أَدْنَىٰ } وأقرب { أَن تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ } إذ نسبتك إليهن حينئذٍ على السواء ، بلا ميل منكر وترجيح . { وَ } المناسب لهن أن { لاَ يَحْزَنَّ } بعد التفويض ، بل { وَ } لهن أن { يَرْضَيْنَ بِمَآ آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ } إذ لا تتفاوت نسبتك إليهن أصلاً ؛ لأنك مجبول على العدل القويم والصراط المستقيم ، سيما بين أزواجك المنتسبين إليك كلهن بنسبة واحدة { وَٱللَّهُ } المطلع لضمائر عباده { يَعْلَمُ مَا } يجري { فِي قلُوبِكُمْ } وضمائركم أيها المؤمنون من الميل إلى بعض النساء دون بعض ، ونبينا صلى الله عليه وسلم منزه عن هذا الميل وأمثاله { وَكَانَ ٱللَّهُ } المراقب لأحوالكم { عَلِيماً } بما جرى عنه في صدوركم من الميل إلى الهوى { حَلِيماً } [ الأحزاب : 51 ] ينتقم عليه ولكن لا يعجل . ثمَّ لمَّا خيَّر سبحانه حبيبه صلى الله عليهم في أمر نسائه ، وفوض أمورهن كلها إليه صلى الله عليه وسلم ، ورضين كلهن بحكمه بلا إباء ومنع ، أراد سبحانه أنه يمنع وينهي حبيبه صلى الله عليه وسلم عن تطليقهن وتبديلهن والزيادة عليهم بعدما بلغن التسعة ، فقال : { لاَّ يَحِلُّ لَكَ } يا أكمل الرسل { ٱلنِّسَآءُ } أي : تزويجهن { مِن بَعْدُ } أي : بعد أن يتفقن أولئك التسعة على حكمك وأمرك ، وفوَّضن أمورهن إليكم { وَلاَ } لا يحل لك أيضاً { أَن تَبَدَّلَ بِهِنَّ } أي : تطلق بعضهن وتبدل بدلهن { مِنْ أَزْوَاجٍ } أخر من الأجنبيات { وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ } أي : حسن الأجنبيات ، لا يحل لك تزوجهن كما حل لك فيما مضى { إِلاَّ مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ } من الإماء ، فلا حرج عليك بدخولها { وَكَانَ ٱللَّهُ } المطلع على مقادير أفعال عباده { عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ } مما جرى في ملكه وملكوته { رَّقِيباً } [ الأحزاب : 52 ] يراقبه ويحافظه إلى أن يكمل ، ثمَّ يمنع عنه على مقتضى حكمته البالغة .