Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 33, Ayat: 69-71)

Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

ثم وصى سبحانه عموم المؤمنين بألاَّ يكونوا مع نبيهم صلى الله عليه وسلم مثل بني إسرائيل مع موسى - صلوت الرحمن عليه وسلامه - ولا يقصدوا أذاه صلى الله عليه وسلم كما قصدوا ، ولا يرموه بشيء لا يليق بشأنه كما رموا به موسى عليه السلام ؛ لأن معاشر الأنبياء كلهم معصومون عن الكبائر مطلقاً ، بل عن الصغائر أيضاً ، فلا بدَّ لمن آمن لهم ألاَّ يرموهم بمكروه ، ولا يليق بشأنهم مع أنه سبحانه أظهر براءتهم وطهارة ذيلهم ، فبقي إثم الافتراء والمراء على المفترين ، فينتقم سبحانه عنهم منها ويأخذهم بها . فقال : { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } بمحمد صلى الله عليه وسلم مقتضى إيمانكم به أن { لاَ تَكُونُواْ } قاصدين أذاه صلى الله عليه وسلم بنسبة المكروه المنكر إليه ، وبتعبيره وتشنيعه بأمر صدر عنه ولم تفهموا سره { كَٱلَّذِينَ آذَوْاْ مُوسَىٰ } صلوات الله وسلامه عليه ، فاغتم منها وتحزن حزناً شديداً { فَبرَّأَهُ ٱللَّهُ } المطلع على نجابة طينته وطهارى ذيله وأظهر طهارته { مِمَّا قَالُواْ } أي : من مقولهم ؛ يعني : مؤداة ومضمونه . وذلك أن قارون استأجر بغية بجعل كثير على أن تمري موسى عليه السلام بنفسها ، فرموه بها ، ثم أحضروها في المجلس ؛ لتفضحه عليه السلام على رءوس الملأ ، فأقرت لعصمته عليه السلام وأظهرت ما أعطوها من الجعل ، فدعا موسى عليه ، ففعل بهم وبما معهم سبحاه ما فعل من الخسف على ما مر في سورة " القصص " أو قذفوه بعيب في بدنه من برص أو أدرة ، فبرأه الله سبحانه بأن تذهب الحجر بثيابه بين الملأ وهو يمشي على عقب ثيابه عرياناً يظهر ، حتى يظهر براءته من العيب لهم { وَ } كيف لا يبرؤه سبحانه ، ولا يظهر طهارته ؛ إذ { كَانَ } موسى عليه السلام { عِندَ ٱللَّهِ } الذي اصطفاه للنوبة والرسالة والتكلم معه { وَجِيهاً } [ الأحزاب : 69 ] في كمال الوجاهة والقربة ؛ لذلك اختاره بسمع كلامه بلا واسطة . وبعدما سمعتم حكاية ما جرى على أولئك البغاة الغواة المؤذين المفترين { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } بالله ورسوله { ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ } المنتقم الغيور ، ولا تؤذوا رسوله صلى الله عليه وسلم { وَقُولُواْ } له بعدما تكلمتم معه في شأنه { قَوْلاً سَدِيداً } [ الأحزاب : 70 ] صحيحاً سالماً ، بعيداً عن وصمة الأذى والتهمة والافتراء ؛ حتى لا يلحقكم ما لحق على قوم موسى . ولكم الإخلاص بالله ورسوله ، وأخلصوا واستقيموا في الأفعال والأقوال وأطيعوا { يُصْلِحْ لَكُمْ } سبحانه { أَعْمَالَكُمْ } لتثمر لكم الثمرات العجيبة والدرجات الرفيعة عنده سبحانه { وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ } التي صدرت عنكم { وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ } حق إطاعته ويخلص في أعماله { وَ } يطع { رَسُولَهُ } إطاعة خالية عن وصمة الأذى والرعونات المؤدية إلى أنواع المكروهات والمنكرات { فَقَدْ فَازَ } ونال { فَوْزاً عَظِيماً } [ الأحزاب : 71 ] هو الدخول بدار الخلود ، والفوز بلقاء الخلاق الودود .