Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 33, Ayat: 63-68)
Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
ثم نبه سبحانه على حبيبه صلى الله عليه وسلم بما سيسأل عنه الكافرون تهكماً واستهزاءً ، وأشار إلى جواب سؤالهم ؛ تعليماً له صلى الله عليه وسلم وإرشاداً ، فقال : { يَسْأَلُكَ } يا أكمل الرسل { ٱلنَّاسُ } الناسون عهودهم التي عهدوا مع الله في مبدأ فطرتهم { عَنِ ٱلسَّاعَةِ } التي جئت بهامن عند ربك ، وأُخبرت بقيامها بوحي الله وإلهامه ، كما أخبر بها سائر الرسل والأنبياء السالفة - صلوات الله عليهم - مستهزئين معك ، سائلين عن تعيين وقتها وقيامها ، أقريب هو أم بعيد ؟ { قُلْ } لهم يا أكمل الرسل بعدما اقترحوا عليك عنها : { إِنَّمَا عِلْمُهَا } أي : علم قيامها وتعيين وقتها { عِندَ ٱللَّهِ } العليم الحكيم ، لا يطلع عليها أحداً من خلقه ، بل هي من جملة الغيوب اليت استأثر الله بها في غيبه ، بل أخبر سبحانه بوقوعها حتماً ، وأبهم تعيين وقتها ، فمجرد تحقق وقوعها يكفي في الخوف من أهوالها { وَ } بعدما أخبر سبحانه بوقوعها وأبهم في تعيين وقتها { مَا يُدْرِيكَ } ويطلعك أيها المخاطب تعيينها ، ومن أنَّى لك أن تبعدها أو تنكر وقوعها { لَعَلَّ ٱلسَّاعَةَ } الموعودة { تَكُونُ } شيئاً { قَرِيباً } [ الأحزاب : 63 ] تقع عن قريب ، فأنَّى لم تتزود لها ، ولم تتهيأ أسبابها أيها المغرور في الدنيا الدنية وأمتعتها الفانية ولذاتها المتناهية ؟ ! . { إِنَّ ٱللَّهَ } المنتقم من عصاة عباده { لَعَنَ } رد وطرد عن ساحة عز قبوله { ٱلْكَافِرِينَ } المصرين على إنكار يوم الجزاء والأمور الواقعة فيه { وَأَعَدَّ لَهُمْ } قهراً عليهم وزجراً { سَعِيراً } [ الأحزاب : 64 ] مصعراً مملوءاً من النار . { خَالِدِينَ فِيهَآ أَبَداً } لا يتحولون عنها أصلاً لا بأنفسهم ولا بواسطة غيرهم من شفعائهم { لاَّ يَجِدُونَ وَلِيّاً } يولي أمرهم وينقذهم منها { وَلاَ نَصِيراً } [ الأحزاب : 65 ] ينصرهم ويعين عليهم لإخراجهم عنها . اذكر لهم يا أكمل الرسل { يَوْمَ تُقَلَّبُ } وتصرف { وُجُوهُهُمْ فِي ٱلنَّارِ } أي : من جهة إلى جهة ؛ تشديداً للعذاب عليهم { يَقُولُونَ } حينئذ متمنين متحسرين : { يٰلَيْتَنَآ أَطَعْنَا ٱللَّهَ } كما أخبر علينا الرسل والأنبياء { وَأَطَعْنَا ٱلرَّسُولاَ } [ الأحزاب : 66 ] المبعوث إلينا ، المنذر عن هذه العقوبات التي تلحق بنا اليوم ، فلن نُبتلى ونصيب بهذا العذاب المؤبد المخلد . { وَقَالُواْ } أيضاً : متضرعين إلى الله على سبيل التمني والتناجي : { رَبَّنَآ } يا من ربانا بأنواع الكرامات وأحسن تربتنا بإرسال الرسل وإنزال الكتب ، فكذبنا الكتب والرسل وأنكرنا عليهما عناداً { إِنَّآ أَطَعْنَا } يا ربنا في إنكار كتبك وتكذيب رسلك { سَادَتَنَا وَكُبَرَآءَنَا } الذين هم أصحاب الثورة والرئاسة بيننا ، فحلُّ جميع أمورنا وعقدها بأيدي أولئك الرؤساء البعداء الضالين { فَأَضَلُّونَا ٱلسَّبِيلاْ } [ الأحزاب : 67 ] السوي المستقيم الموصل إلى توحيدك وتصديق رسلك وكتبك ، وأنت أعلم منا يا ربنا بأنَّا ما ضللنا إلا بإضلال أولئك الطغاة الضالين المضلين . { رَبَّنَآ آتِهِمْ } جزاء لإضلالهم وانتقاماً عنهم { ضِعْفَيْنِ مِنَ ٱلْعَذَابِ } يعني : آتهم ضعف عذابنا ، ضعفاً لضلالهم وضعفاً لإضلاله إيَّانا { وَٱلْعَنْهُمْ } واطردهم ربنا وأبعدهم عن سعة رحمتك الواسعة { لَعْناً كَبِيراً } [ الأحزاب : 68 ] طرداً عظيماً وتبعيداً بعيداً حيث لا يُرجى نجاتهم ، طرداً كثيراً متوالياً متتالياً مستمراً على التعاقب والترادف .