Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 37, Ayat: 111-122)
Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وكيف لا نجزي خليلنا ؟ ! { إِنَّهُ مِنْ } خُلَّص { عِبَادِنَا ٱلْمُؤْمِنِينَ } [ الصافات : 111 ] الموحدين الموقنين بذاتنا وصفاتنا وأفعالنا وأسمائنا ، واستقلالنا في ملكنا وملكوتنا . وبعدما ابتليناه أولاً بذبح الولد ، وفديناه عن ولده غناية منا إياه وإلى ولده { وَبَشَّرْنَاهُ } بولد آخر مسمى { بِإِسْحَاقَ } وجعلناه { نَبِيّاً } من الأنبياء ، معدوداً { مِّنَ } زمرة { ٱلصَّالِحِينَ } [ الصافات : 112 ] لمرتبة الكشف واليقين . { وَ } بالجملة : { بَارَكْنَا عَلَيْهِ } أي : كثرنا الخير والبركة على إبراهيم { وَ } كذا { عَلَىٰ } ابنه { إِسْحَاقَ } كثرنا نسلهما إلى أن جعلنا { وَمِن ذُرِّيَّتِهِمَا مُحْسِنٌ } في الأعمال والأخلاق والأحوال ، ذو نفع كثير على عباد الله وفقراء سبيله { وَظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ } أي : تارك لحظوظ نفسه من الدنيا { مُبِينٌ } [ الصافات : 113 ] ظاهر في الترك ، مبالغ فيه إلى حيث يمنع عنها ضروريتها أيضاً ، منجذباً نحو عالم اللاهوت ، منخلعاً عن لوازم الناسوت ، مائلاً نحو الحق بجميع قواه وجوارحه ، طالباً الفناء فيه والبقاء ببقائه ، ومنهم النبي صلى الله عليه وسلم والوصيّ - كرم الله وجهه - وابناه وأولادهما بطناً بعد بطن سلام الله عليهم أجمعين ؛ حيث لا يلتفتون إلى حطام الدنيا ومزخرفاتها ، إلا مقدار سدّ جوعة ولبس خرقة خشن . { وَ } من ذريتهما المكرمين المؤيدين من عندنا : موسى وهارون { لَقَدْ مَنَنَّا } أيضاً { عَلَىٰ مُوسَىٰ وَهَارُونَ } [ الصافات : 114 ] أخيه منَّة عظيمةز { وَ } ذلك أنَّا { نَجَّيْنَاهُمَا وَقَوْمَهُمَا } أي : مَن آمن لهما من بني إسرائيل { مِنَ ٱلْكَرْبِ ٱلْعَظِيمِ } [ الصافات : 115 ] الذي هو غلبة فرعون وغرق اليم . { وَنَصَرْنَاهُمْ } أي : هما وقومهما على فرعون وملئه { فَكَانُواْ هُمُ ٱلْغَٰلِبِينَ } [ الصافات : 116 ] عليهم بعدما صاروا مغلوبين منهم . { وَ } بعدما صيرناهم غالبين { آتَيْنَاهُمَا } أي : موسى وهارون { ٱلْكِتَابَ ٱلْمُسْتَبِينَ } [ الصافات : 117 ] وهو : التوراة الذي هو أبيَن الكتب وأوضحها في ضبط الأحكام الإلهية المتعلقة بنظام الظاهر ، { وَهَدَيْنَاهُمَا } أيضاً { ٱلصِّرَاطَ ٱلْمُسْتَقِيمَ } [ الصافات : 118 ] الموصل إلى الحق اليقين في مراتب التوحيد . { وَ } من كمال تكرمنا إياهما { تَرَكْنَا عَلَيْهِمَا } أي : أبقينا ذكرهما بالخير { فِي ٱلآخِرِينَ } [ الصافات : 119 ] اللاحقين لهما من الأمم ؛ حيث يقولون في حقهما عند ذكرهما : { سَلاَمٌ } من الله وتحية منَّا { عَلَىٰ مُوسَىٰ وَهَارُونَ } [ الصافات : 120 ] وذلك من جملة امتنانا عليهما وتكريمنا إياهما إِنَّا من كمال جودنا ولطفنا { إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي ٱلْمُحْسِنِينَ } [ الصافات : 121 ] المحسنين في حسناتهم وجميع حالاتهم . وكيف لا نجزيهما خير الجزاء وأحسنه ؟ ! { إِنَّهُمَا مِنْ عِبَادِنَا ٱلْمُؤْمِنِينَ } [ الصافات : 122 ] الموقنين بتوحيدنا ، المصدقين لاستقلالنا في ملكنا وملكوتنا .