Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 37, Ayat: 133-144)

Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَإِنَّ لُوطاً } أيضاً { لَّمِنَ } جملة { ٱلْمُرْسَلِينَ } [ الصافات : 133 ] الفائزين بمرتبة الحق اليقين . اذكر يا أكمل الرسل للمعتبرين المؤمنين وقت { إِذْ نَجَّيْنَاهُ } أي : لوطاً { وَأَهْلَهُ } أي : أولاده وأهل بيته { أَجْمَعِينَ * إِلاَّ عَجُوزاً } [ الصافات : 134 - 135 ] وهي : امرأته بقيت { فِي ٱلْغَابِرِينَ } [ الصافات : 135 ] الهالكين بالعذاب المنزل عليهم بشؤم فعلتهم الشنيعة ، المتناهية في القباحة والشناعة . { ثُمَّ } بعدما نجيناه وأهله { دَمَّرْنَا ٱلآخَرِينَ } [ الصافات : 136 ] من قومه وأهلكناهم أجمعين . { وَإِنَّكُمْ } يا أهل مكة { لَّتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ } أي : على أطلاعهم ومنازلهم المنقلبة بشؤم فعلتهم وقت ترحالكم إلى الشام ، وهي على متن الدرب { مُّصْبِحِينَ } [ الصافات : 137 ] إن كنتم سائرين في أسفاركم في الليالي ، { وَبِٱلَّيلِ } إن كنتم سائرين في أيامكم ، يعني : إن سرتم ليلاً تصبحون عندها ، وإن سرتم نهاراً تمسون دونها . وبالجملة : هي على طريقكم أيها المجبولون على العبرة والعظة { أَفَلاَ تَعْقِلُونَ } [ الصافات : 138 ] وتتفكرون فيما جرى عليهم بشؤم تكذيبهم وإنكارهم على رسل الله ؛ ليعتبروا منهم ومن أطلالهم ورسومهم المندرسة المنكوسة ، ولا تفعلوا مثل أفعالهم . { وَإِنَّ يُونُسَ } ابن متَّى أيضاً { لَمِنَ ٱلْمُرْسَلِينَ } [ الصافات : 139 ] من عندنا ، المتحملين لأعباء رسالتنا . اذكر يا أكمل الرسل وقت { إِذْ أَبَقَ } وهرب من نزول العذاب الموعود على قومه حين دعاهم إلى الإيمان والتوبة ، فلم يجيبوا له ولم يقبلوا منه دعوته ، فدعا عليهم ، وبعدما قرب حلول العذاب عليهم . خرج من بينهم هارباً ، حتى لا يحلقه ما يحلقهم ، فلما وصل البحر ركب { إِلَى ٱلْفُلْكِ ٱلْمَشْحُونِ } [ الصافات : 140 ] المملوء من الناس والأحمال والأثقال ، فاحتسبت السفينة على أهلها فاضطربوا ، فقال البحارون : إن في السفينة عبداً آبقاً ، فبادروا إلى القرعة ما على ما هو عادتهم في أمثاله ، وبعد خروج القرعة باسم واحد من أهلها ، طرحوه في الماء فأخذت في الجري والذهاب . { فَسَاهَمَ } أي : قارع حينئذ أهلها ، فخرجت القرعة باسم يونس { فَكَانَ مِنَ ٱلْمُدْحَضِينَ } [ الصافات : 141 ] المغلوبين المغرقين بمقتضى القرعة . وبعدما خرجت القرعة باسمه ، تفطن أنه من الاختبارات الإلهية ، فقال : أنا العبد الآبق ، فرمى نفسه في الماء خوفاً من غضب الله وكمال غيرته وحميته ، وتوطيناً على مقتضى قضاء الله ، مفوضاً أمره إليه سبحانه . وبعدما وصل إلى جوف الماء { فَٱلْتَقَمَهُ ٱلْحُوتُ } بإلهام الله إياه على الفور ، وابتلعه { وَهُوَ مُلِيمٌ } [ الصافات : 142 ] نفسه ، نادم على فعله الذي فعله بلا نزول وحي من ربه ؛ لذلك أخذ حنيئذ سبح له سبحانه عام لا يليق بشأنه . وبالجملة : { فَلَوْلاَ أَنَّهُ كَانَ مِنَ ٱلْمُسَبِّحِينَ } [ الصافات : 143 ] المنكشفين بوحدة الحق ، وتنزهه عن سمات الكثرة مطلقاً . { لَلَبِثَ } واستقر { فِي بَطْنِهِ } أي : بطن الحوت { إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ } [ الصافات : 144 ] وصار له بطنه كالقبر لسائر الأموات ، وبالجملة : لا ينجو منه أبداً .