Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 38, Ayat: 1-5)
Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ صۤ } أيها الصفي ، الصافي مشربه عن الأمور المنافية لتوحيد الحق وإيجاده وصرافة وحدته الذاتية ، والصدوق الصادق في ادعاء الرسالة والنبوة بمقتضى الوحي الإلهي وإلهامه ، والصبور الصابر على متاعب الدعوة والتبليغ وحمل أعباء الرسالة . { وَ } حق { ٱلْقُرْآنِ ذِي ٱلذِّكْرِ } [ ص : 1 ] والبيان وأنواع الدلائل والبرهان ، المنزل من عندنا عليك يا أكمل الرسل ؛ لتبيين أحكام دين الإسلام ، وتحقيق شعائر الإيمان ، والتنبيه على مرتبة التوحيد والعرفان المنتهي إلى الكشف والعيان ، ما الكفار المنكرون بك وبكتابك ودينك مطلعون بعيب ونقصان في دينك وكتابك يتشبثون به . { بَلِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } وأعرضوا عنَّا وعنك وعن كتابك لا سند لهم أصلاً لا عقلاً ولا نقلاً ، بل هم { فِي عِزَّةٍ } كبر وخيلاء عند نفوسهم { وَشِقَاقٍ } [ ص : 2 ] خلاف لنا ولك بعيد عن توحيدننا وتصديقك . وبعدما سمعت حالهم لا تبالِ بهم وبخلافهم ومرائهم وكبرهم وخيلائهم ، اذكر { كَمْ } أي : كثير { أَهْلَكْنَا } أمثالهم { مِن قَبْلِهِم مِّن } أهل { قَرْنٍ } مغمورين في الكبر والخيلاء ، متمكنين في الخلاف والشقاق أمثالهم { فَنَادَواْ } واستغاثوا متضرعين إلينا ، راجين منَّا عفونا إياهم حين أخذناهمم بظلمهم بغتة { وَّلاَتَ حِينَ مَنَاصٍ } [ ص : 3 ] أي : ليس حينئذ وقت تأخير ونجاة لهم وخلاص ، فلم نجبهم لذلك ؛ لمضي وقت الاختبار والاعتبار ، بل أهلكناهم واستأصلناهم { إِنَّ فِي ذٰلِكَ لَعِبْرَةً لأُوْلِي ٱلأَبْصَارِ } [ النور : 44 ] . { وَ } من شدة شقاقهم وخلافهم { عَجِبُوۤاْ } وتعجبوا ؛ أي : أهل مكة { أَن جَآءَهُم } وأرسل عليهم { مٌّنذِرٌ مِّنْهُمْ } أي : من جنسهم وبني نوعهم ؛ يعني : محمداً صلى الله عليه وسلم { وَقَالَ ٱلْكَافِرُونَ } من كمال تعجبهم وشدة إنكارهم واستبعادهم ، وضع الظاهر موضع الضمير تنصيصاً بأنه ما حملهم على هذا القول إلا كفرهم وإنكارهم : { هَـٰذَا } أي : محمد صلى الله عليه وسلم فيما أظهره في صورة المعجزة الخارقة للعادة { سَاحِرٌ } يسميه معجزة تغريراً وتلبيساً ، وفيما نسبه إلى الوحي والإنزال { كَذَّابٌ } [ ص : 4 ] مبالغ في الكذب مستغرق فيه . ثم لما أسلم عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، فشق ذلك على قريش ، وفرح المؤمنون ، فازدحم صناديدهم عند أبي طالب ، وقالوا له : أنت شيخنا وسيدنا ، وقد لعمت ما فعل هؤلاء ، فأتيناك لتقضي بينننا وبين ابن أخيك ، فأرسل أبو طالب إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فأحضره معهم ، فقال : يا ابن أخي ، هؤلاء قومك يسألونك السُؤْل ، فلا تم ل كل الميل على قومك . " فقال صلى الله عليه وسلم : " وماذا يسألون " . قالوا له : ارفض ذكر آلهتنا وندعك وإلهك ، وعلى هذا نعاهد معك عند عمك ؟ فقال صلى الله عليه وسلم : " أتعطونني كلمة واحدة ، وتملكون بها العرب وتدين بها العجم ؟ " . فقال أبو جهل : لتعطينكها وعشر أمثالها . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " قولوا لا إله إلا الله " . فنفروا من ذلك ، وقاموا قائلين على سبيل الإنكار والاستبعاد : { أَجَعَلَ ٱلآلِهَةَ إِلَـٰهاً وَاحِداً } فمن أنَّى يسع الإله الواحد للخلق الكثير ؟ { إِنَّ هَـٰذَا } الذي يطلب هذا المدعي { لَشَيْءٌ عُجَابٌ } [ ص : 5 ] أي : عجيب بديع ابتدعه من تلقاء نفسه .