Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 38, Ayat: 6-11)
Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَ } بعدما تنفروا من قوله ، وتعجبوا من طلبه { ٱنطَلَقَ ٱلْمَلأُ مِنْهُمْ } أي : أشرافهم قائلين : { أَنِ ٱمْشُواْ وَاْصْبِرُواْ } أي : اثبتوا { عَلَىٰ } عبادة { آلِهَتِكُمْ } ولا تصالحوا معه { إِنَّ هَـٰذَا } الذي حدث بيننا وابتدع فينا { لَشَيْءٌ يُرَادُ } [ ص : 6 ] بنا من شؤم الزمان وريبه . وما لنا إلا الصبر والثبات إلى أن تتجلى الغياهب وترتفع النوائب ، مع أنَّا { مَا سَمِعْنَا بِهَـٰذَا } أي : بالتوحيد الذي يقوله هذا الداعي { فِى ٱلْمِلَّةِ ٱلآخِرَةِ } التي هي النصرانية ؛ إذ النصارى يقولون بالأقانيم الثلاثة ، ولم ينقل منهم توحيد الإله ، ولا من الذين مضوا قبلهم من أرباب الملل السالفة ، وبالجملة : { إِنْ هَـٰذَا } أي : ما هذا التوحيد الذي ظهر به { إِلاَّ ٱخْتِلاَقٌ } [ ص : 7 ] أي : كذب اخترعه من تلقاء نفسه ، ونسبه إلى الوحي افتراء ومراء ، قاصداً به التغرير والتلبيس على ضعفه الأنام . { أَ } تعتقدون أيها العقلاء المتدبرون أنه { ءُنزِلَ عَلَيْهِ } أي : على يتيم أبي طالب { ٱلذِّكْرُ } أي : الوحي والقرآن { مِن بَيْنِنَا } من أنه مثلنا ومن بني نوعنا ، بل أدون منَّا ، ونحن أشرف منه ، وأكبر سناً ، وأكثر أموالاً وأولاداً ، وأكرم جاهاً وثروة ، وأعلى سيادة ورئاسة ، إنما يقولون هذا على سبيل الإنكار والاستبعاد لا أنهم معتقدون على الوحي والإنزال { بَلْ هُمْ فَي شَكٍّ } وريب عظيم { مِّن ذِكْرِي } ووحيي إليه ، بل إلى جميع المرسلين { بَل لَّمَّا يَذُوقُواْ عَذَابِ } [ ص : 8 ] أي : إنما قالوا هذا ، وشكوا في الوحي وارتابوا ؛ لأنهم لم يذوقوا عذابي ، ولو أنهم ذاقوه لما قالوا ، فمن أين يقولون هذا ويحكمون أن الوحي لو نزل لنزل على رؤسائنا وسادتنا . أهم يعلمون الغيب { أَمْ عِندَهُمْ } أي : عند أولئك البعداء والمهمكين في بحر الغفلة والضلال { خَزَآئِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ } يا أكمل الرسل ومقاليد نعمه ومفاتيح كرمه ؛ ليكون لهم الخيرة في أمره سبحانه ، فيعطونها على من يشاء ، ويمنعونها عمَّن يشاء ، فكيف يحكمون على { ٱلْعَزِيزِ } الغالب على أمره في تصرفات مكله وملكوته بالاستقلال والاختيبار { ٱلْوَهَّابِ } [ ص : 9 ] على من شاء وأراد بلا مشاورة ومظاهرة . { أَمْ لَهُم مُّلْكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا } أي : يدعون أن لهم التصرف في العلويات والسفليات والممتزجات ، وإن ادعوا ذلك لأنفسهم { فَلْيَرْتَقُواْ } وليصعدوا { فِى ٱلأَسْبَابِ } [ ص : 10 ] التي هي معارج الوصول إلى منشأ الوحي والإلهام ، ومنبع النزول والإنزال ، فليأتوا بالوحي إلى من أرادوا واختاروا . وبالجملة : من أين يتأتى لأولئك الكفرة العجزة المقهورين الصاغرين الخيرة في أمره سبحانه وحكمه بمقتضى قضائه ، حتى يتفوهوا عنه عن أفعاله وأحكامه ؛ إذ لا يسع لأحد من أقوياء عباده أن يسأل عن فعله مع أن أولئك الحمقى { جُندٌ مَّا } أي : شرذمة قليلة في غاية القلة { هُنَالِكَ } أي : وضعوا ونصبوا أنفسهم بمعاداتك في أبعد الأمكنة وأعلى المرتبة ، مع أنهم { مَهْزُومٌ } مغلوب { مِّن } جمع { ٱلأَحَزَابِ } [ ص : 11 ] الذين تحزبوا على رسل الله وأنبيائه ، مع كمال شدتهم وقوتهم ووفور شوكتهم وصولتهم ، فانهزموا واستؤصلوا إلى حيث لم يبقَ منهم أحد على وجه الأرض .