Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 4, Ayat: 11-11)
Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
ثم لما قدر سبحانه على المتوارثين نصيباً مفروضاً على وجه الإجمال ، أراد أن يفصل ويعين أنصباءهم ، فقال : { يُوصِيكُمُ ٱللَّهُ } أي : يأخذ منكم العهد ويأمركم بمحافظته { فِيۤ } حق { أَوْلَٰدِكُمْ } المستخلفين بعدكم ، وهو أن يُقسَّم متروك المتوفى منكم بينهم { لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ ٱلأُنْثَيَيْنِ } أي : لأن كل ذكر لا بد له من أنثى أو أكثر ليتزوجها ، حتى يتم أمر النظام الإلهي والنكاح المعنوي ، ويجب عليه جميع حوائجها ، وكذا لكل أنثى لا بد لها من ذكر ينكحها بعين ما ذكر ، ويأتي بحوائجها ، فاقتضت أيضاً الحكمة الألهية أن يكون نصيبهما بقدر كفافهما واحتياجهما ؛ لذلك عينه سبحانه هكذا . { فَإِن كُنَّ } أي : الوارثات { نِسَآءً } خلصاً ليس بينهن ذكور ، هن { فَوْقَ ٱثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ } المتوفى { وَإِن كَانَتْ } الوارثة بنتاً { وَاحِدَةً } فقط { فَلَهَا ٱلنِّصْفُ } مما ترك المتوفى ، وإن كانتا بنتين فقط ، فقد اختلف فيهما ، فقال ابن عباس : حكمهما حكم الواحدة ، وقال الباقون : حكمهما حكم ما فوق الاثنين ، وعلى هذا يكون لفظة : { فَوْقَ } مقحماً ، كما في قوله تعالى : { فَٱضْرِبُواْ فَوْقَ ٱلأَعْنَاقِ } [ الأنفال : 12 ] وكذا عيَّن سبحانه نصيب الأبوين ، فقال : { وَلأَبَوَيْهِ } أي : لأبوي المتوفى { لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا ٱلسُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ } المتوفى { إِن كَانَ لَهُ وَلَدٌ } ذكراً أو أنثى { فَإِن لَّمْ يَكُنْ لَّهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأُمِّهِ ٱلثُّلُثُ } وللأب الباقي ، هذا إذا لم يكن له غير الأب والأم وارث . { فَإِن كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ } للمتوفى { فَلأُمِّهِ ٱلسُّدُسُ } أي : تردون الأم من الثلث إلى السدس بخلاف الأب ، فإنهم لا يرثون معه هذه القسمة والأنصباء المعينة { مِن بَعْدِ } إخراجه { وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَآ } من ماله للفقراء { أَوْ } قضاء { دَيْنٍ } كان في ذمته ، وهما أيضاً بعد تجهيزه وتكفينه ، ثم أشار سبحانه إلى أن أمر الميراث وتعيين الأنصباء أمر تعبدي ، ليس لكم أن تتخلفوا عنها ؛ لمقتضى ميلكم وظنكم ، إلى أن تورثوا بعض الورثة وتحرموا الآخر ، بل لكم ألاَّ تفاوتوا بينهم ، سواء كانوا { آبَآؤُكُمْ وَأَبناؤُكُمْ } . إذ { لاَ تَدْرُونَ } ولا تعلمون جزماً { أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً } في الدار الآخرة عند الله فعليكم ألاَّ تتجاوزوا عن قسمة الله ، بل انقادوا لها واعتدوها { فَرِيضَةً } مقدرة { مِّنَ } عندن { ٱللَّهِ } صادرة عن محض العلم و الحكمة { إِنَّ ٱللَّهَ } المصلح لأحوال عباده { كَانَ عَلِيماً } بمصالحهم { حَكِيماً } [ النساء : 11 ] في ترتيبها وتدبيرها .