Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 4, Ayat: 135-136)
Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ يَٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّٰمِينَ } مداومين مواظبين { بِٱلْقِسْطِ } بإقامة العدل والإنصاف بينكم ، وإن كنتم { شُهَدَآءَ } في الوقائع كونوا شهداء مخلصين { للَّهِ } في أدائها بلا ميل وزور وإخفاء { وَلَوْ } كنتم شاهدين { عَلَىۤ أَنْفُسِكُمْ } باعتراف ما على ذمتكم من حقوق الغير { أَوِ } ذمة { ٱلْوَٰلِدَيْنِ وَ } ذمم { ٱلأَقْرَبِينَ } فعليكم إيها الشهداء أن تقسطوا في أداء الشهادة بلا حيف وميل { إِن يَكُنْ } المشهود عليه ، أو المشهود له { غَنِيّاً أَوْ فَقِيراً } يعني : ليس لكم أن تراعوا جانب الفقير وتجانوبا عن الغني ، بل ما عليكم إلا أداء ما عندكم من الشهادة على وجهها { فَٱللَّهُ أَوْلَىٰ بِهِمَا } برعايتهما وإصلاحهما { فَلاَ تَتَّبِعُواْ ٱلْهَوَىٰ } أي : ما تهوى نفوسكم ، وتميل قلوبكم إليه إن أردتم { أَن تَعْدِلُواْ } في أداء الشهادة { وَإِن تَلْوُواْ } تغيروا وتحرفوا ألسنتكم عما ثبت وتحقق عندكم { أَوْ تُعْرِضُواْ } عن أدائها مطلقاً ، ألجموا بلجاممم من نار على ما نطق به الحديث ، صلوات الله على قائله { فَإِنَّ ٱللَّهَ } المجازي لعباده { كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ } من تغيركم وإعراضكم { خَبِيراً } [ النساء : 135 ] يجازيكم على مقتضى خبرتهز { يَٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ } أي : الذين يدعون الإيمان ، ويجرون كلمة التوحيد على اللسان على وجه التقليد والحسبان ، وينكرون طريق أهل التوحيد والعرفان ، ونسبون أهله إلى الإيمان والطغيان { ءَامِنُواْ } أيقنوا وأذعنوا { بِٱللَّهِ } المتفرد في ذاته المتوحد في أسمائه وصفاته حتى عوينوا ، وكوشفوا بتوحيده { وَرَسُولِهِ } أي : خليفته المصورة بصورته المبعوث على كافة بريته ، الجامع لجميع مراتب أوصافه وأسمائه { وَٱلْكِتَٰبِ } المبين لطريق توحيده { ٱلَّذِي نَزَّلَ } من فضله ولطفه { عَلَىٰ رَسُولِهِ } المظهر لتوحيده الذاتي { وَ } جميع { ٱلْكِتَٰبِ ٱلَّذِيۤ أَنزَلَ } من عنده { مِن قَبْلُ } على الرسل الماضين المبعوثين على الأمم الماضية ، الظاهرين بتوحيد صفاته وأفعاله { وَمَن يَكْفُرْ بِٱللَّهِ } الأحد الصمد باعتقاد الوجود لغير الله من الأظلال والعكوس { وَمَلآئِكَتِهِ } أوصافه وأسمائه المنتشئة من شئونه وصنوف كمالاته { وَكُتُبِهِ } المنتخبة من شئونه وتصوراته وتنوزلاته على هيئة الصوت الحرف ؛ ليبين بها طريق التوحيد على التائهين في بيدان الغفلة ، المنهمكين في بحر الضلال { وَرُسُلِهِ } المكاشفين بمقاصد كتبه ، المتحققين المتصفين على جميع ما أمر ونهى فيها المأمورين بتبليغها والإرشاد إلى مقاصدها { وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ } المعد لجزاء من يتنبه ويتفطن من إنزال الكتب وإرسال الرسل ، ومن لم يتنبه ولم يتفطن ؛ إذ الحكمة تقتضي التفضل والترحم على من تنبه إلى طريق الحق بعد ورود المنبه والمبين ، والانتقام على من لم يتنبه ولم يؤمن ، بل ينكر ويكفر ، ومن يكفر { فَقَدْ ضَلَّ } عن طريق التوحيد { ضَلاَلاً بَعِيداً } [ النساء : 136 ] إلى حيث لا يتمنى هدايته وفلاحه . من يضلل الله فلا هادي له ، نعوذ بك منك يا أرحم الراحمين .