Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 137-140)

Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

ثم قال سبحانه : { إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } بالله حين ظهر موسى كليم الله وبعث إليهم { ثُمَّ كَفَرُواْ } به وبدينه حين ظهر عليهم السامري بالعجل { ثُمَّ آمَنُواْ } بعد رجوع موسى من ميقاته { ثُمَّ } لما ظهر الزامن بانقطاع الوحي وإرسل الرسل وإنزال الكتب ، وقع في أمر الدن فترة وضعف ، أرسل عليهم عيسى عليه السلام وأنزل عليه الإنجيل ؛ ليبين لهم طريق توحيده { كَفَرُواْ } به وكذبوا بكتابه عناداً واستكباراً . وبعدما انقرض جيل عيسى عليه السلام ، أظهر سبحانه النبي الموعود في كتبه السالفة بأنه سيأتي نبي مبعوث على كافة البرة بالتوحيد الذاتي ، وله دين ناسخ لجميع الأديان ، وكتابه ناسخ لجميع الكتب ، وبه يُختم أمر النبوة والوحي والإرسال والإنزال ؛ إذ بظهوره كمل طريق التوحيد والعرفان { ثُمَّ } لما ظهروتحقق عندهم ظهوره { ٱزْدَادُواْ } به { كُفْراً } وتكذيباً ، وأصروا على ما هم عليه عتواً وعناداً { لَّمْ يَكُنِ ٱللَّهُ } الهادي لعباده والماحي لذنوبهم { لِيَغْفِرَ لَهُمْ } إن بقوا على كفره وإصرارهم { وَلاَ لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلاً } [ النساء : 137 ] إن انهمكوا في الغي والضلال . { بَشِّرِ } يا أكمل الرسل { ٱلْمُنَافِقِينَ } منهم ، وهم الذين يدَّعون الإيمان بك وبكتابك وبدينك على طرف اللسان ، وقلبم على الشقاق والطغيان الأصلي { بِأَنَّ لَهُمْ } عند ربهم { عَذَاباً أَلِيماً } [ النساء : 138 ] . وحذر منهم ومن سراية خبثهم المؤمنين { ٱلَّذِينَ يَتَّخِذُونَ ٱلْكَافِرِينَ } المصرين على الكفر بالله وتكذيب الرسول { أَوْلِيَآءَ } أحباء أصدقاء يصاحبونهم { مِن دُونِ ٱلْمُؤْمِنِينَ } قل للمتخذين من المؤمنين نيابة عنا : { أَيَبْتَغُونَ } ويطلبون { عِندَهُمُ ٱلْعِزَّةَ } ويعتقدون أنهم أعزة يتعززون بهم وبمصاحبتهم وموالاتهم مع أنه لا عزة لهم حقيقةً ، بل ضربت عليهم الذلة والهوان { فَإِنَّ ٱلعِزَّةَ } الغلبة والكبرياء والبسطة والبهاء { للَّهِ } المتعزز برداء العظمة والكبرياء { جَمِيعاً } [ النساء : 39 ] لا يسع لغيره أن يتعزز في نفسه إلا بفضله وطوله . ومن فضل الله لكم { وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي ٱلْكِتَٰبِ } المبيّن لدينكم ، المنزل على نبيكم { أَنْ } أي : أنه { إِذَا سَمِعْتُمْ } وعلمتم حين تلاوتكم { آيَاتِ ٱللَّهِ } على رءوس الملأ أنه { يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا } - العياذ بالله - { فَلاَ تَقْعُدُواْ مَعَهُمْ } مع هؤلاء الكفار المستهزئين بل اتركونهم ومجالستهم { حَتَّىٰ يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ } فإن لم تتركوهم ، وتخرجوا من بينهم صرتم منتسبين للكفر ، والاستهزاء بآيات الله { إِنَّكُمْ إِذاً } حين لم تتركونهم وتقعوا معهم { مِّثْلُهُمْ } في استحقاق العذاب والنكال { إِنَّ ٱللَّهَ } المتعزز بالمجد والبهاء لقادر على كل ما أراد وشاء { جَامِعُ ٱلْمُنَٰفِقِينَ } المداهنين { وَٱلْكَٰفِرِينَ } المكذبين ، المستهزئين { فِي جَهَنَّمَ } البعد والخذلان ، وسعير الطرد والحرمان { جَمِيعاً } [ النساء : 140 ] مجتمعين بلا تفاوت في العقوبة .