Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 4, Ayat: 148-151)
Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
ومن متقضيات التوحيد أيها المتوجهون نحوه ألاَّ تظهروا ، وتبثُّوا إلى الله الشكوى في الأمور المتعلقة بالدنيا ، ولا تلحوا في المناجاة والدعاء ، فإن ناقدكم بصير بحاجاتكم ، وعليكم الرضا بما جرى عليكم من القضاء ، ونعم القرين الرضا ؛ إذ { لاَّ يُحِبُّ ٱللَّهُ } المتجلي باسم الرحمن على ذرائر الأكوان معتدلاً ، مستوياً بلا تفاوت ، ولا يمدح عنده { ٱلْجَهْرَ } والإشاعة { بِٱلسُّوۤءِ } أي : لا يحب أن يجهر بالقبيح ، المستهجين عقلاً وشرعاً ، ويبالي بشأنه ، ويستدعي لأجله ؛ إذ لا يجري في ملكه إلا العدل والخير ، خصوصاً الجهر { مِنَ ٱلْقَوْلِ إِلاَّ } جهر { مَن ظُلِمَ } فإنه سبحانه يحبه ، ويبادر إلى إجابته ؛ إذ الظالم خارج عن مقتضى عدل الله وصراطه المستقيم { وَكَانَ ٱللَّهُ } المتجلي على العدل القويم { سَمِيعاً } لجهر المظلوم { عَلِيماً } [ النساء : 148 ] بظلم الظالم ، وبما استحق له من الجزاء ، يجازيه على مقتضى علمه . { إِن تُبْدُواْ } أيها المؤمنون وتظهروا { خَيْراً } على رءوس الأشهاد { أَوْ تُخْفُوهُ } أي : تعطوه خفية عن الناس { أَوْ تَعْفُواْ } تجاوزوا عن الظالم ، ولم تنتقموا منه ، ولم تتضرعوا إلى الله المنتقم { عَن سُوۤءٍ } فعل الظالم بكم { فَإِنَّ ٱللَّهَ } المطلع لسرائركم ونياتكم { كَانَ عَفُوّاً } عنكم ، ماحياً لذنوبكم مع كونه { قَدِيراً } [ النساء : 149 ] على انتقامه منكم . ثم قال سبحانه { إِنَّ ٱلَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِٱللَّهِ } ويشركون له بإثبات الوجود لغيره { وَرُسُلِهِ } أي : يكفرون برسله ، ويكذبونهم مع كونهم مبعوثين على الحق من عنده { وَ } مع كفرهم وتكذيبهم { يُرِيدُونَ أَن يُفَرِّقُواْ بَيْنَ ٱللَّهِ } المتوحد ، المتفرد بذاته ، المستقبل في وجوده { وَرُسُلِهِ } المستخلفين من عنده بظهوره عليهم بجميع أسمائه وصفاته { وَيقُولُونَ } من غاية جهلهم بظهور الله ، واستيلائه على مظاهرة : { نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ } من الرسل { وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ } آخر ، مع أن ظهوره في الكل على السواء بلا تفاوت { وَيُرِيدُونَ } وتوهمون { أَن يَتَّخِذُواْ } ويثبتوا { بَيْنَ ذٰلِكَ } أي : ارتباط الظاهر بالمظهر والمظهر بالظاهر { سَبِيلاً } [ النساء : 150 ] غير سبيل لاحق المطابق للواقع . { أُوْلَـٰئِكَ } البعداء ، المتوغلون في الكفر { هُمُ ٱلْكَافِرُونَ حَقّاً } أي : الكافرون المنهمكون فيه ، المنتهون إلى مرتبةٍ لا يعبأ بإيمانهم أصلاً { وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ } المستغرقين فقي الغي والضلال { عَذَاباً مُّهِيناً } [ النساء : 151 ] مذلاً ، مقسطاً لهم عن الإنسانية بعدما جلبوا عليه صورةً ؛ إذ لا إهانة أشد من ذلك .