Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 4, Ayat: 152-154)
Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ بِٱللَّهِ } المتفرد في الوجود { وَ } اعترفوا بظهوره في { رُسُلِهِ } بجميع أوصافه وأسمائه { وَلَمْ يُفَرِّقُواْ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ } بالإيمان والكفر ، بل يؤمنوا بجميعهم على السوية { أُوْلَـٰئِكَ } السعداء ، الموفقون بهذه الكرامة في هذه النشأة { سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ } تفضلاً عليهم في النشأة الأخرى { أُجُورَهُمْ } بأضعاف ما استحقوا عليه { وَ } لا تستبعدوا من الله أمثال هذا ؛ إذ { كَانَ ٱللَّهُ } الموفق لهم على الهداية { غَفُوراً } لذنوبهم المبعدة عن طريق توحيده { رَّحِيماً } [ النساء : 152 ] لهم ، يوصلهم إلى ما عينٌ رأت ، ولا أذنٌ سمعت ، ولا خطر على قلب بشر . هب لنا من لدنك رحمة ، إنك أنت الوهاب . { يَسْأَلُكَ أَهْلُ ٱلْكِتَابِ } من غاية جهلهم بالله ، ونهاية غفلتهم عنه { أَن تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَاباً مِّنَ ٱلسَّمَآءِ } على مقتضى ما تهوى نفوسهم ، وترضى عقولهم ، ولا تستكبر منهم هذا { فَقَدْ سَأَلُواْ مُوسَىٰ أَكْبَرَ مِن ذٰلِكَ } وأشد بعداً واستحالةً { فَقَالُوۤاْ } من غاية بعدهم عن الله ، ونهاية حجابهم عن مطالعة جماله : { أَرِنَا ٱللَّهَ } الذي تدعونا إليه ، وترشدنا نحوه { جَهْرَةً } ظاهرة معاينة كالموجودات الأخر ، وما قدروا الله حق قدره ، لذلك أرادوا أن يحصروا ، ويحيطوا به ، مع أنه سبحانه أجلُّ من أن يشار إليه ، ويحاط به ، ويدرك على ما هو عليه ؛ إذ الإشارة والإحاطة والإدراك إنما هو منه وبه وفيه وإليه ، ومن هذا شأنه كيف يدرك ويحس ؟ . ونهاية حال الواصلين إليه أنهم انخلعوا عن هوياتهم الباطلة بالمرة ، وفنوا في هويته واضمحلوا ، لا إليه إلا هو ، كل شيء هالك إلا وجهه { فَأَخَذَتْهُمُ ٱلصَّاعِقَةُ } النازلة من السماء { بِظُلْمِهِمْ } هذا فهلكوا { ثُمَّ } بعدما تابوا ، ورجعوا إلى الله واستشفع لهم موسى صلوات الله عليه { ٱتَّخَذُواْ ٱلْعِجْلَ } إلهاً ، وحصروا الألوهية فيه حين لبَّس عليهم السامري وخادعهم به ، مع أن اتخاذهم هذا { مِن بَعْدِ مَا جَآءَتْهُمُ ٱلْبَيِّنَاتُ } الواضحة ، الدالة على توحيد الله وتقديسه من الحصر والإحاطة { فَعَفَوْنَا عَن ذٰلِكَ } أيضاً بعدما رجعوا إلينا والتجئوا نحونا متذللين { وَآتَيْنَا } بعد ذلك { مُوسَىٰ سُلْطَاناً مُّبِيناً } [ النساء : 153 ] حجة واضحة ، ومعجزرة ملجئة لهم إلى الإيمان . { وَ } ذلك أن { رَفَعْنَا فَوْقَهُمُ ٱلطُّورَ } معلقاً { بِمِيثَاقِهِمْ } بسبب أن نأخذ منهم العهد الوثيق ، إذ جاءوا به أزلنا عنهم ، وإن أبوا أسقطنا عليهم { وَقُلْنَا لَهُمُ } أيضاً بعدما أخذنا الميثاق عنهم على لسان موسى عليه السلام : { ٱدْخُلُواْ ٱلْبَابَ } أي : البيت المقدس { سُجَّداً } حال كونكم ساجدين ، واضعين جباهكم على تراب المذلة ، فدخلوا مسرعين ومزحفين ، فنقضوا { وَقُلْنَا لَهُمْ } أيضاً ميثاقاً ومعادة على لسان داود عليه السلام : { لاَ تَعْدُواْ } لا تجاوزوا ، ولا تخرجوا عن حدٍّ ، ولا سيما { فِي ٱلسَّبْتِ } أي : اصطياد الحيتان فيه ، فاحتالوا في اصطيادها ، فنقضوا ما عهدوا { وَ } بعدما { أَخَذْنَا مِنْهُمْ مِّيثَاقاً غَلِيظاً } [ النساء : 154 ] أي : مواثيق غلاظ على إرادة الجنس ، فنقضوا الكل ، وخالفوا الأمر .