Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 166-170)

Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

ومن غاية جدالهم ونزاعهم يجادلون غالباً معك في رسالتك وكتابك ، ولا يشهدون لك وبحقية كتابك ، وبصدقك في رسالتك ، مع كونك مشهوداً في كتبهم وعلى لسان رسلهم ؛ مكابرةً وعناداً ، لا تبال بهم وبشهادتهم ، { لَّـٰكِنِ ٱللَّهُ } المطلع للسرائر والخفيات { يَشْهَدُ بِمَآ أَنزَلَ إِلَيْكَ } أي : بحقيته ، وصدقك فيه ، وبأنه { أَنزَلَهُ } إليك ملتبساً { بِعِلْمِهِ } المتعلق بتأليف كلماته ، وكيفية ترتيبه ونظمه على وجهٍ يعجز عنه جميع من تحدى وتعارض معه { وَٱلْمَلاۤئِكَةُ } أيضاً { يَشْهَدُونَ } بأنه مُنزل من الحق على الحق { وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ شَهِيداً } [ النساء : 166 ] سواء شهدوا ، أو لم يشهدوا . ثم قال سبحانه { إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } بك وبكتابك { وَصَدُّواْ } أعرضوا { عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ } المبيّن فيه { قَدْ ضَلُّواْ } عن طريق التوحيد { ضَلَٰلاً بَعِيداً } [ النساء : 167 ] لا ترجى هدايتهم أصلاً ، وكيف ترجى هدايتهم وقد أضلهم الله ؟ . { إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } ستروا طريق الحق { وَ } مع كفرهم { ظَلَمُواْ } خرجوا عن حدود الله بالمرة { لَمْ يَكُنِ ٱللَّهُ } الهادي لعباده { لِيَغْفِرَ لَهُمْ } ذنوبهم ؛ لعظم جرمهم { وَلاَ لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقاً } [ النساء : 168 ] من طريق النجاة ؛ لاِنْهِمَاكِهِم في الغفلة والضلال . { إِلاَّ طَرِيقَ جَهَنَّمَ } البعد الخذلان { خَالِدِينَ فِيهَآ أَبَداً } لا ينجون منها أصلاً { وَ } لا تستبعد عن الله أمثال هذه التبعيدات والتخذيلات ؛ إذ { كَانَ ذٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ } المنتقم ، المضل للغواة الطغاة { يَسِيراً } [ النساء : 169 ] . ثم لما بيَّن سبحانه حقيَّة الرسول صلى الله عليه وسلم ، وصدقه في دعواه ، وأوعد على من كذبه وخالف كتابه ما أوعد ، أراد أن ينبه على عامة أهل التكليف من أرباب الملل وغيرهم أن يؤمنوا له ، وما جاء به من عنده ، فقال منادياً ؛ ليقبلوا عليه : { يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ } المجبولون على النيسان والغفلة { قَدْ جَآءَكُمُ ٱلرَّسُولُ } أي : المبعوث إلى كافة الخلق ملتبساً { بِٱلْحَقِّ } المطابق للواقع { مِن رَّبِّكُمْ } الذي رباكم بنعمة العقل الذي هو مناط جميع التكاليف ، وبه الوصول إلى الإيمان والتوحيد . { فَآمِنُواْ خَيْراً لَّكُمْ } أي : فإن آمنوا به بعد ما ظهر كان خيراً لكم عند ركبم ، يوصلكم إلى توحيده ، { وَإِن تَكْفُرُواْ } به عناداً ، ولم تؤمنوا به مكابرة ، لا يبالي الله بكفركم ، ولا بإيمانكم { فَإِنَّ للَّهِ } أي : يسجد ويخضع له جميع { مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ } إرادة وطوعاً { وَكَانَ ٱللَّهُ } المكلف لأمر عباده { عَلِيماً } بقابلياتهم { حَكِيماً } [ النساء : 170 ] فيما أمرهم به وكلفهم عليه ؛ ليفوزوا من عنده فوزاً عظيماً .