Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 4, Ayat: 171-172)
Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ يٰأَهْلَ ٱلْكِتَابِ } أي : الإنجيل المبالغين في أمر عيسى عليه السلام إلى حيث ينتهي إلى الغلو المذموم عقلاً وشرعاً { لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ } ونبيكم ، ولا تبالغوا في الإغراء في وصفه { وَ } عليكم أن { لاَ تَقُولُواْ عَلَى ٱللَّهِ } الواحد ، الأحد ، الصمد الذي لم يتخذ صاحبةً ولا ولداً { إِلاَّ ٱلْحَقَّ } الحقيق اللائق بجناية { إِنَّمَا ٱلْمَسِيحُ عِيسَى ٱبْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ ٱللَّهِ } كسائر رسله { وَ } غاية أمره { كَلِمَتُهُ } أي : يحصل ، ويتكون من كلمته التي { أَلْقَاهَا إِلَىٰ مَرْيَمَ } { وَ } هو { رُوحٌ } يتجلَّى { مِّنْهُ } سبحانه ، ويظهر فيه عليه السلام كظهوره في سائر الأشخاص إلا أن لا هوتيته غلبت على ناسوتيته ، لذلك ظهر منه من الخوارق ما خلت عنها الأنبياء { فَآمِنُواْ بِٱللَّهِ } المنزه في ذاته عن الأهل والولد { وَرُسُلِهِ } المؤيدين من عنده ؛ لتبليغ حكمه وأحكامه . ومن جملتهم عيسى عليه السلام { وَلاَ تَقُولُواْ } على الله المنزه عن التعدد مطلقاً ما لا يليق بجنابه بأنه { ثَلاَثَةٌ } الله والمسيح ومريم { ٱنتَهُواْ } عن التثليث ، بل عن التعدد مطلقاً ، فإن انتهاءكم عنه يكون { خَيْراً لَّكُمْ } يرشدكم إلى سبيل التوحيد { إِنَّمَا ٱللَّهُ } المتجلي في الآفاق والاستحقاق { إِلَـٰهٌ وَاحِدٌ } أي : موجود واحد ، لا يمكن التعدد فيه أصلاً { سُبْحَانَهُ } بذاته ، وتعالى عن { أَن يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ } كما يقول الظالمون { لَّهُ } باعتبار تجلياته على صفحات الإعدام بجميع أوصافه وأسمائه مظاهر { مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ } من جنود الله ومرايا أوصاف جماله وجلاله { وَمَا فِي ٱلأَرْضِ } أيضاً منها ، وكذا فيما شاء الله ، وما يعلم جنود ربك إلا هو { وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ وَكِيلاً } [ النساء : 171 ] أي : كفى الله المتجلي بجميع أوصافه وأسمائه وكيلاً على مظاهره ، مولياً لأمورهم أصالة واستقلالاً . ومن غاية إغراء النصارى في وصف المسيح ، ونهاية غلوهم في حقه استنكفوا واستكبروا عن كونه عبد الله ، ونسبوه إليه بالنبوة ، وعبدوا له كعبادة الله ، لذلك رد عليهم بقولهم : { لَّن يَسْتَنكِفَ } ويستكبر { ٱلْمَسِيحُ } وإن ترقَّى إلى السماء بقوة لاهوتية { أَن يَكُونَ عَبْداً للَّهِ وَلاَ ٱلْمَلاۤئِكَةُ ٱلْمُقَرَّبُونَ } عند الله ، المترقون من السماء أيضاً ؛ إذ لا ناسوتية لهم أصلاً ، { وَ } كيف يستنكر ، ويستنكف عن عبادته أحد من مظاهره ومخلوقاته ؛ إذ { مَن يَسْتَنْكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ } الله { إِلَيهِ جَمِيعاً } [ النساء : 172 ] ويحاسبهم بما صنعوا ، ويجازيهم على مقتضى حسابهم بأشد العذاب ، وأسوء النكال .