Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 18-19)

Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَلَيْسَتِ ٱلتَّوْبَةُ } الصادرة حين الإلجاء والاضطرار نافعة { لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ ٱلسَّيِّئَاتِ } في مدة أعمارهم ، مسوفين التوبة فيها { حَتَّىٰ إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ ٱلْمَوْتُ } الملجئ إليها { قَالَ } متحسراً ، متأسفاً مضطراً بعدما آيس من الحياة ، وأبصر أمارات الموت في نفسه على السكرات : { إِنِّي تُبْتُ ٱلآنَ } على وجه التأكيد والمبالغة ، وهي لا تنفع له وإن بالغ ، والسر في عدم قبول الله إياها ؛ لأن الإنابة والرجوع إلى الله لا بد أن يكون عن قصد واختيار ، حتى يعتبر عند الله ويُقبل ، لا عن الإلجاء الاضطرار ؛ إذ لا يتصف التائب حينئذ بالعبودية والإطاعة وقصد التقرب إلى الله . بل { وَلاَ } فرق بينهم وبين الكافرين { ٱلَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ } في حال الموت { كُفَّارٌ } كما كان { أُوْلَـٰئِكَ } المسوفون ، المقصرون في أمر التوبة { أَعْتَدْنَا } هيأنا باسمنا المنتقم في النشأة الأخرى { لَهُمْ عَذَاباً } حرماناً وطرداً { أَلِيماً } [ النساء : 18 ] مؤلماً ؛ لرؤيتهم التائبين المبادرين عليها في مقعهد صدقٍ عند مليكٍ مقتدرٍ على الإنعام والانتقام . تُب علينا بفضلك ، إنك أنت التواب الرحيم . ثم لمَّا كانت العادة في الجاهلية إيراث النساء كرهاً ، وذلك أنه لو مات واحد منهم وله عصبة ، ألقى ثوبه على امرأة الميت ، فكانت في تصرفه وحمايته ، وله اختيارها ، سواء تزوجها بالصداق الأول أو إكراهاً أو طوعاً ، ويضر عليها ، ويمنعها إلى أن يُقدِّم له مثل صداقها ، ثم أطلقها ، نبَّه سبحانه على المؤمنين ألاَّ تصدر عنهم أمثال هذا فقال : { يَٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ } بالله ورسوله اتركوا جميع ما كان عليكم في جاهليتكم قبل الإيمان ، سيما إيراث النساء ، واعلموا أنه { لاَ يَحِلُّ لَكُمْ } في دينكم وشرعكم { أَن تَرِثُواْ ٱلنِّسَآءَ } أي : نساء أقاربكم ومورثكم ، وتزوجوهن أو تفدوا منهن { كَرْهاً } حال كونكم مكرهين ، أو هن كارهات لتزويجكم . { وَ } أيضاً من الحدود المتعلقة بأمور النساء أن { لاَ تَعْضُلُوهُنَّ } مطلقاً ؛ أي : لا يحل أن تضيقوا على نسائكم حين انتقضت محبتكم إياهن ، وقلَّ وقعن عندكم إلى أن تلجئوهن بالفدية والخلع { لِتَذْهَبُواْ } حين الطلاق { بِبَعْضِ مَآ ءَاتَيْتُمُوهُنَّ } أو كلها حين النكاح { إِلاَّ أَن يَأْتِينَ } - العياذ بالله تعالى - { بِفَٰحِشَةٍ } فعلةٍ قبيحةٍ ، محرمةٍ عقلاً وشرعاً { مُّبَيِّنَةٍ } ثابتةٍ ظاهرةٍ { وَ } إن لم يأتين بشيءٍ من الفواحش { عَاشِرُوهُنَّ بِٱلْمَعْرُوفِ } المستحسن عقلاً وشرعاً { فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ } طبعاً عليكم أن تكذبوا طباعكم المخالفة للعقل والشرع ؛ إذ هي من طغيان القوة البهيمية ، لا تبالوا بها وبمقتضاها { فَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً } بمقتضى طبعكم { وَ } لا تعلمون أن { يَجْعَلَ ٱللَّهُ فِيهِ } بمقتضى حكمته ومصلحته { خَيْراً كَثِيراً } [ النساء : 19 ] نافعاً لكم ولغيركم .