Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 4, Ayat: 31-33)
Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
ثم قال سبحانه امتناناً على المؤمنين ، تفضلاً وإشفاقاً وجذباً من جانبه : { إِن تَجْتَنِبُواْ } وتجوزوا أيها المحبوسون في مهادي الإمكان ومضيق الحدثان { كَبَآئِرَ } أعاظم { مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ } وهي الشرك بالله بأنواعه من إثبات الوجود لغيره ، وإسناد الحوادث إلى الأسباب وغير ذلك { نُكَفِّرْ } نمحو ونتجاوز { عَنْكُمْ } تفضلاً عليكم { سَيِّئَـٰتِكُمْ } خطاياكم اللاحقة لنفوسكم من لوازم بشريتكم ومقتضى طبيعتكم { وَ } بعدما غفرناكم { نُدْخِلْكُمْ } بمحض جودنا ولطفنا { مُّدْخَلاً كَرِيماً } [ النساء : 31 ] هو فضاء التوحيد الذي ليس فيه هوةاء ولا ماء ولا غدو ولا مساء ، بل فيها إفناء وبقاء ولقاء ، لا يذوقون فيها الموت إلا الموتة الأولى . وفقنا بكرمك وجودك لما تحبه عنا وترضى . { وَ } من مقتضى إيمانكم أيها المؤمنون المحمديون المتوجهونن نحو توحيد الذات من محجة الفناء والرضا بما نفذ عليه القضاء ، فعليكم أن { لاَ تَتَمَنَّوْاْ } تمني المتحسر المتأسف حصول { مَا فَضَّلَ ٱللَّهُ بِهِ } في النشأة الأولى { بَعْضَكُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ } من الجاه ولمال والمكانة الرفيعة في عالم الصورة ؛ إذ هي ابتلاء واختبار لهم وفتنة تبعدهم عن طريق الفناء ، وتوقعهم في التكثر والتشتت ، والموحدون المحمديون لا بد له أن يقتفوا أثر نبيهم صلى الله عليه وسلم في ترك الدنيا وعدم الالتفات نحوها إلا ستر عورة وسد جوعة ؛ إذ الإضافة والتمليك مطلقاً مخل بالتوحيد ، والغنى المطغي جالب للعذاب الأخروي . ربنا اصرف عنا عذاب جهنم إن عذاباها كان غراماً . واعملوا أيها المحمديون السالكون سبيل الفناء لتفوزوا بجنة البقاء أن لكم عند ربكم درجات ومداخل متفاوتة بتفاوت استعداداتكم المترتبة على ترتيب الأسماء والصفات الإلهية ؛ إذ { لِّلرِّجَالِ } أي : للذكور الكمل لكل منكم على تفاوت طبقاتهم { نَصِيبٌ } حظ من التوحيد الذاتي هو مقرهم وغاية مقصدهم حاصل لهم { مِّمَّا ٱكْتَسَبُواْ } من الرياضات والمجاهدات المعدة لفيضان المكاشفات والمشاهدات { وَ } كذا { لِلنِّسَآءِ } منكم مع تفاوت طبقاتهن { نَصِيبٌ مِّمَّا ٱكْتَسَبْنَ } في تلك الطريق ؛ إذ كل ميسر لما خلق له وعليكم التوجه نحو مقصدكم { وَٱسْأَلُواْ ٱللَّهَ مِن فَضْلِهِ } يا عباده لييسر لكم ما يعينكم ويجنبكم عما لا يعنيكم ويغويكم { إِنَّ ٱللَّهَ } الميسر لأمور عباده { كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ } مما صدر عنهم من صلاح وفساد { عَلِيماً } [ النساء : 2 ] بعلمه الحضروري ، يصلح لهم وييسر عليهم الهدى بقدر استعداداتهم وقابلياتهم . ثم قال سبحانه : { وَلِكُلٍّ } من الأسلاف الذين مضوا { جَعَلْنَا } من محض جودنا وحكمتنا { مَوَٰلِيَ } أخلافاً يولونهم ويوالونهم ويأخذون { مِمَّا } أي : من الأموال التي { تَرَكَ ٱلْوَٰلِدَانِ وَ } كذا مما ترك { ٱلأَقْرَبُونَ } من ذوي الأرحام { وَ } كذا من متروكات { ٱلَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَٰنُكُمْ } بالنكاح والزواج على الوجه المشروع { فَآتُوهُمْ } أيها الحكام { نَصِيبَهُمْ } أي : نصيب كل من الولاة على الوجه المفروض { إِنَّ ٱللَّهَ } المدبر لمصالح عباده { كَانَ } في سابق علمه { عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ } من الحوادث الكائنة { شَهِيداً } شيهداً [ النساء : 44 ] حاضراً مطلقاً .