Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 42-43)

Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ يَوْمَئِذٍ } أي : يوم إذ جئنا بك شهيداً على المؤمنين { يَوَدُّ } يحب ويتمنى { ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } بالله { وَعَصَوُاْ ٱلرَّسُولَ } الأمي المبعوث إلى كافة الأنام بدين الإسلام أن { لَوْ تُسَوَّىٰ } تغطى { بِهِمُ ٱلأَرْضُ } في تلك الساعة ، وصاروا نسياً منسياً لكان خيراً لهم من المذلة التي عرضت لهم في تلك الحالة { وَلاَ يَكْتُمُونَ ٱللَّهَ حَدِيثاً } [ النساء : 42 ] أي : لا يمكن كتمان حديث نفوسهم بهذا من الله في تلك الحالة ، فكيف كتمان أعمالهم الصادرة عنهم ؟ ! ثم لما حضر بعض لمؤمنين المسجد لأداء الصلاة سكارى حين إباحة الخمر ، وغفلوا عن أداء بعض أركاناها وتعديلها ، وغلطوا في القراءة وحفظ الترتيب ، نبه سبحانه عليهم ونهاهم ألاَّ تبادروا إلى المساجد قبل أن تفيقوا ، فقال منادياً ليقبلوا : { يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } مقتضى إيمانكم حفظ الأدب ، سيما عند التوجه نحو الحق فعليكم أن { لاَ تَقْرَبُواْ } ولا تتوجهوا { ٱلصَّلَٰوةَ } أي : لأداء الصلاة ، هي عبارةعن التوجه نحو الذات الإلهية بجميع الأعضاء والجوارج ، المقارن بالخضوع والخشوع ، المنبئ عن الاعتراف بالعبودية والإذلال ، المشعر عن المعجز والتقصير ، فلا بد لأدائها من فراغ الهم وخلاء الخاطر عن أدناس الطبيعة مطلقاً { وَ } خصوصاً { أَنْتُمْ } في أدائها { سُكَٰرَىٰ } لا تعلمون ما تفعلون وما تقرأون بل اصبروا { حَتَّىٰ } تفيقوا { تَعْلَمُواْ مَا تَقُولُونَ } وما تفعلون في أدائها من محافظة الأركان والأبعاض والأركان والهيئات وغير ذلك . { وَ } عليكم أيضاً أن { لاَ } تقربوا الصلاة { جُنُباً } حالة كونكم مجنبين بأي طريق كان ؛ إذ استفراغ المني إنما هو من استيلاء القوة الشهوية التي هي أقوى القوى الحيوانية وأبعدها عن مرتبة الإيمان والتوحيد ، وحين استيلائها تسري خباثتها إلى جميع الأعضاء الحاملة للقوى الدراكة وتعطلها عن مقتضياتها بالمرة ، فحينئذ تتحير الأمزجة وتضطرب لانحرافها عن اعتدال الفطرة الأصلية بعروض الخباثة السارية ، فتكون الخباثة أيضاً كالسكر من مخللات العقل ، فعليكم ألاَّ تقربوها معه { إِلاَّ } إذا كنتم { عَابِرِي سَبِيلٍ } أي : على متن سفر ليس لكم قدرة استعمال الماء ؛ لفقده أو لوجود المانع ، فعليكم أن تتيمووا وتصلوا جنباً { حَتَّىٰ تَغْتَسِلُواْ } وتتمكنوا من استعماله . { وَ } كذا { إِنْ كُنْتُمْ } مقيمين { مَّرْضَىٰ } تخافون من شدة المرض في استعماله { أَوْ } راكبين { عَلَىٰ } متن { سَفَرٍ أَوْ جَآءَ أَحَدٌ مِّنْكُمْ مِّن ٱلْغَآئِطِ } أي : من الخلاء محدثين { أَوْ لَٰمَسْتُمُ ٱلنِّسَآءَ } أي : جامعتم معهن أو لعبتم بهن بالملامسة والمساس { فَلَمْ تَجِدُواْ } في هذه الصورة { مَآءً } لإزالة ما عرض عليكم من الجنابة { فَتَيَمَّمُواْ صَعِيداً طَيِّباً } أي : فعليكم أن تقصدوا عند عروض هذه الحالات بالتراب الطيب من صعيد الأرض بأن تضربوا أيديكم عليها ، وبعدها ضربتم { فَٱمْسَحُواْ } باليدين المغبرتين { بِوُجُوهِكُمْ } مقدار ما يغسل { وَأَيْدِيكُمْ } أيضاً كذلك ؛ جبراً لما فوتم من الغسل بالماء ؛ إذ التراب من المطهرات خصوصاً من الصعيد المرتفع { إِنَّ ٱللَّهَ } المصلح لأحوالكم { كَانَ عَفُوّاً } لكم مجاوزاً عن أمثاله { غَفُوراً } [ النساء : 43 ] يستر عنكم ولا يؤاخذكم عليها إن كنتم مضطرين فيها ، بل يجازيكم خيراً تفضلاً وامتناناً .